للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما تمثيله للمشارك ما قبله في ما ناب عن العامل لا في العامل بقولهم «مرحبا وأهلا» ذاهبا إلى ما قرّره في كتابه (١) فلم أتحققه، ولا شك أنّ قدر الشيخ أجلّ من أن يحمل كلام المصنف على ما حمله عليه، على أنه رحمه الله تعالى في آخر كلامه قال: «وكلام المصنف هنا قلق غريب لا يكاد يفهم ولا تحته طائل، فإن كان أراد ما شرحناه به، فذلك هو المقصود وإن كان غير ما شرحناه فيحتاج إلى كشف ينبيء عنه».

وهذا من الشيخ دليل على أنه لم يقل ما قاله في شرح هذا الموضع عن يقين منه.

وبعد فقد يمكن أن يمثّل لما يستلزم عامله عامل ما قبله بقوله تعالى: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ (٢)، فإن النهي عما لا يليق يستفاد منه أن الناهي يأمر المنهيّ بخير، ويكون المصنف [قد] عبّر عن الاستفادة بالاستلزام.

وأن يمثّل لما يتضمّن معناه بقول العرب: «حسبك خيرا لك» (٣) لأن تقديره:

حسبك الذي فعلت وائت خيرا، ومعنى حسبك: كفّ، فحسبك يتضمّن معنى العامل في خير وهو «ائت» لأن معناه

كفّ كما قلنا، والكفّ هو الانتهاء، وقد قلنا: إن النهي عن شيء يلزم منه أي يستفاد الأمر بخير، وإنّما خالف بين العبارتين فعبّر في المسألة الأولى بقوله: «يستلزم» وفي الثانية بقوله: «يتضمّن» لأن الأمر بخير في المسألة الأولى يستفاد من «انتهوا» وفي المسألة الثانية يستفاد من «كفّ» لكنه لم يذكر وإنما ذكر «حسبك» فلم يكن الأمر بخير مستفادا من «حسبك» إنّما «حسبك» يتضمن معنى «كفّ» و «كفّ» هو المستفاد منه ذلك.

وأن يمثّل لما هو في المعنى مشارك لما قبله في عامله بقولهم «وراءك أوسع لك» (٤)، فإن «وراءك» بمعنى: تأخّر و «أوسع» منصوب بفعل مضمر تقديره: -


(١) يقصد التذييل والتكميل انظر ٤ ورقة (٢٤٥ / ب).
(٢) سورة النساء: ١٧١، قال سيبويه في الكتاب (١/ ٢٨٢): «ومما ينتصب في هذا الباب على إضمار الفعل المتروك إظهاره: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ ووراءك أوسع لك، و «حسبك على خيرا لك» إذا كنت تأمر».
(٣) من أمثلة سيبويه انظر الكتاب (١/ ٢٨٢).
(٤) هذا مثل أي: تأخر تجد مكانا أوسع لك ويقال في ضده: أمامك أي: تقدّم، انظر مجمع الأمثال (٣/ ٤٣٩)، وهو من أمثلة الكتاب (١/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>