كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد

الباب الخامس والخمسون باب أبنية الأفعال ومعانيها - [معان أخرى كثيرة لفعل المفتوح العين] - ج: 8 - ص: 3732

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويلحق بأفعال السّتر: ما دل على غمس وشبهه كـ «مقل» (١) و «غطّ» (٢) و «غمر».

ويلحق بأفعال التّصويت: ما دل على قول كـ «نطق» و «لفظ» و «وعظ» و «عبر» (٣) و «فسر» (٤) و «شرح» و «أمر» و «زجر» و «هجر» و «سأل» و «عدل» و «عبث» و «همز» و «لمز». انتهى كلامه رحمه الله تعالى (٥).

وأقول: إن ذكر هذه المعاني التي أتى بها لا حاجة إليه، فإن المعاني التي هي مدلول الأفعال الثلاثية كثيرة، ولا شك أنه إذا علم أنّ «فعل» وضعه أن يستعمل في المعاني (الغرزيّة) (٦) وما يشبهها وأنّ «فعل» الغالب فيه أن يستعمل للألوان [٥/ ٧] والعيوب وللعلل والأحزان وأضدادها - علم أن غير ما ذكر لهذين الفعلين وهما:

«فعل» و «فعل» من سائر المعاني المدلول عليها بالأفعال الثلاثية إنّما يستعمل له «فعل» ثمّ إنّ ذلك جميعه موقوف على السماع أعني أنا لا نتجاوز بالاختيار صيغة من الصيغ الثلاث إلى غيرها بل يجب الوقوف على المسموع، وإذا كان كذلك فأيّ فائدة في تعداد المعاني (٧)؟!

نعم، لما كانت المغالبة قد تكون في المعاني المدلول عليها بـ «فعل» أو «فعل» وكان فعل المغالبة إنما يكون بفتح العين تعيّن التعرّض لذكره ليعلم منه أنه يقال: كارمني فكرمته وإن كان «كرم» لازما، ولقد أحسن ابن الحاجب رحمه الله تعالى حيث لم يذكر شيئا من ذلك وإنّما قال (٨): ففعل لمعان كثيرة وباب المغالبة يبنى على فعلته».

---

(١) مقل: يقال مقل المقلة (حصاة القسم): ألقاها في الإناء وصبّ عليها ما يغمرها في الماء.
اللسان (مقل).
(٢) غط: غطّه في الماء يغطّه ويغطّه غطّا: غطّه غمسه ومقله وغوّصه فيه. اللسان (غطط).
(٣) عبر: عبر الرّؤيا يعبرها عبرا وعبارة وعبّرها: فسّرها وأخبر بما يئول إليه أمرها. اللسان (عبر).
(٤) فسر: الفسر: البيان، فسر الشّيء يفسره فسرا وفسّره: أبانه. اللسان (فسر).
(٥) انظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٤٤٤).
(٦) في (جـ)، (أ): الغريزية.
(٧) لا ندري كيف يعترض المؤلف على ابن مالك في ذكره لهذه المعاني - أعني معاني «فعل» - ثم ينقلها عنه بنصّها وفصّها؟ وكان الأجدر به
أن يشير إلى ذلك دون أن ينقل فهذا يعدّ حشوا لا فائدة من ذكره. ونقول: إن هذا جهد مشكور للعلامة ابن مالك فقد وضع أيدينا على معان كثيرا ما نغفل عنها.
(٨) شرح شافية ابن الحاجب للرضي (١/ ٧٠).