للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذا كلام ابن عصفور (١). ثم إنه (٢) أورد سؤالا فقال: «فإن قيل: القاعدة في الباب (٣) أن ما كان في الأصل ظرفا كـ «مكانك» أو مصدرا كـ «حذرك» ثم نقل واستعمل اسما للفعل يبقى على ما كان عليه من الإعراب فكان ينبغي على هذا إذا جعل «رويدا» اسما للفعل أن لا يبنى بل يبقى على إعرابه لأنه مصدر في الأصل؟».

ثم أجاب عن ذلك بأن قال: «إن «رويدا» لما نقل عن المصدرية وجعل اسما للفعل لم يبق على معناه، بل ضمّن معنى ما يقرب منه، فإنّ أرود إروادا معناه:

أمهل إمهالا أي: أنظر، ومعنى «رويد» الذي هو اسم للفعل: اترك ودع، وأرود ليست بمعنى دع في أصل وضعها، وإنما صار لها ذلك بالتضمين» انتهى.

وفي كلامه أمران:

أما أولا: فمنعه أن يكون «رويدا» من قولنا: ساروا رويدا صفة لمصدر محذوف معللا ذلك بأن الصفة التي هي «رويد» ليست خاصة بجنس الموصوف، لأن لقائل أن يقول: إن المسوغ لحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه إنما هو وجود دليل على المحذوف سواء أكانت الصفة خاصة بجنس الموصوف أم غير خاصة!! نعم في بعض التراكيب قد لا يكون دليل إلا كون الصفة خاصة بجنس موصوفها كقولك: نظرت إلى كاتب، وفي بعض الصور قد يكون الدليل غير ذلك كما في قوله تعالى: وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ (٤) أي: دروعا سابغات، ولا يخفى أن الصفة المذكورة ليست خاصة بموصوفها المراد هنا، وقد حذف الموصوف لدلالة ذكر «الحديد» في الآية الشريفة عليه، وعلى هذا فالدليل على الموصوف المحذوف في مثل: ساروا رويدا كلمة «ساروا» إذ من المعلوم أن المراد:

ساروا سيرا رويدا؛ فالدليل على الموصوف المحذوف قائم حينئذ.

وأما ثانيا: فقوله: إن مكانك باق على إعرابه بعد نقله وتصييره اسم فعل؛ لأن «مكانك» كان منصوبا على الظرف أعني لفظ «مكان» المضاف إلى الضمير الذي -


(١) سبق أن نبهت إلى أن ذلك ربما كان في كتابه «شرح الإيضاح» لأنني لم أعثر عليه في كتبه التي بين أيدينا، وانظر هذا النقل الطويل مفصلا ومحققا أيضا في شرح المقرب للدكتور علي محمد فاخر (المنصوبات قسم أول: ص ٢٦٧ وما بعدها).
(٢) أي: ابن عصفور.
(٣) أي: باب أسماء الأفعال.
(٤) سورة سبأ: ١٠، ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>