للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (١)، لكن نقل (٢) عن صاحب البسيط أنه قال: «أولى استعمل في الوعيد في قوله تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ونحوه وهو بمعنى: وليه الشرّ وما يكرهه (٣)، ولا يكون اسما للفعل فيكون «لك» فيها بمنزلة: هلم لك؛ لأن اسم الفعل لا يعرب وهذا قد أعرب لأن أبا زيد حكى رفعه مؤنثا في قولهم: أولاة (٤)، وإذا بطل هذا وبطل أن يكون أفعل من كذا على أن يكون المعنى: هو أولى بذلك من غيره، أي الوعيد

أولى لك من غيرك، لأن أفعل من كذا لا يؤنث بالهاء، وقد نقلنا عن أبي زيد تأنيثه صحّ أنه «أفعل» اسما بمنزلة «أحمد» استعمل علما في الوعيد فامتنع من الصرف، ومن أدخل الهاء جعله اسما مؤنثا مثل: «أرملة» و «أضحاة» (٥) وامتنع من التنوين للعلمية في الوعيد والتأنيث، وعلى هذا فقوله تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى: «أولى» مبتدأ و «لك» الخبر (٦)، وحذف حرف الجر الثاني لدلالة الأول عليه، وقول الشاعر (٧).

٣٦٣٧ - أولى فأولى يا امرأ القيس بعد ما ... خصفن بآثار المطيّ الحوافرا (٨)

-


-
هممت بنفسي بعض الهموم
والشاهد فيه: مجيء «أولى لك» اسم فعل بمعنى: دنوت من الهلاك - وانظر البيت في الكامل (٢/ ٣٣٨) والخصائص (٣/ ٤٤) وأمالي الشجري (١/ ٢٤٣)، (٢/ ٣٢٥).
(١) سورة القيامة: ٣٤، ٣٥.
(٢) أي الشيخ أبو حيان.
(٣) قال العكبري في التبيان (ص ١٢٥٥) عند قوله تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى: «ومعناه وليك شر بعد شر».
(٤) أولاة: مؤنث أولى وانظر النوادر لأبي زيد (ص ٦٠٨) والتبيان للعكبري (ص ١٢٥٥).
(٥) الأضحاة: الشاة التي يضحّى بها والجمع: أضحى كما يقال: أرطاة وأرطى. انظر اللسان (ضحا).
(٦) انظر التبيان (ص ١٢٥٥).
(٧) هو مقّاس العائذيّ، شاعر جاهلي.
(٨) هذا البيت من الطويل وقد دخله الخرم في أوله.
الشرح: امرؤ القيس: ابن بحر بن زهير بن جناب الكلبي. خصفن: يقال: خصفت الإبل الخيل:
تبعتها، الحوافر: جمع حافر، والحافر من الدواب يكون للخيل والبغال والحمير: اسم كالكاهل والغارب أراد: خصفن بالحوافر آثار المطي يعني آثار أخفافه فحذف الباء الموحدة من الحوافر وزاد أخرى عوضا منها في آثار المطي.
والمعنى: وطئت الحوافر أخفاف الإبل لأنها تقدمت فهي تتبعها، وكانوا يقودون الخيل ويركبون الإبل فإذا دنوا من المغار (موضع الغارة) ركبوا الخيل جامّة فأعملوها، والشاعر توعد المخاطب بقصد الخيل إياه وصب الغارة عليه. -

<<  <  ج: ص:  >  >>