للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ليفدك فلان، ثم جعل فداء لك موضعه فهو اسم لقوله: ليفدك، قال الشاعر:

٣٦٣٨ - مهلا فداء لك الأقوام كلّهم ... وما أثمّر من مال ومن ولد (١)

يروى على ثلاثة أوجه: فداء بالكسر اسم فعل مبني، وبالفتح على المصدر، والرفع على الابتداء والخبر أي: الأقوام فادون لك.

وإذا نون [٥/ ٣٧] كان نكرة لأنهم أرادوا: يفديك في ضرب من الضروب (٢).

وفي الإفصاح (٣) أجاز أبو علي في «فدى» أن يكون بمنزلة قول العرب: فداء بالمد والكسر، وكسره دال على بنائه وبناؤه دال على أنه اسم فعل لأن الدعاء بمنزلة الأمر، والتنوين فيه للتنكير وكأنه قال: لتفدك نفسي على معنى الدّعاء (٤).

ويضعف عندي (٥)، لأني لم أجد اسم فعل في غير الخبر رفع الظاهر، فالمعنى:

أن يكون اسم «يفدي» فيرفع الظاهر كما يرفع اسم الفعل بمعنى الخبر نحو «هيهات» و «شتان» و «سرعان» وأجاز ذلك أبو علي إلا أنه قال: «الأول أكثر وأقيس؛ وذلك لأن أسماء الأفعال بمعنى الأمر والنهي أكثر منها بمعنى الخبر، والدعاء بمنزلة الأمر» (٦) وصدق إلا أن رفعها الظاهر غير موجود، وليس لأفعال الأمر من التصرف ما للأفعال أنفسها حتى يكون لفظها يأتي بمعنى الدعاء والأمر كما يكون ذلك في صيغ أفعال الأمر، ولو كان كذلك كانت بمعنى اللام؛ لأن -


(١) هذه البيت من البسيط قاله النابغة الذبياني من قصيدة مدح بها النعمان وتبرأ مما رماه به الوشاة عنده ومطلعها:
يا دار مية بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأمد
الشرح: «مهلا» بمعنى أمهل وتأنّ والفداء: ما يفتدى به الشيء و «أثمر» أي: أجمع وأصلح، يقال: ثمّر فلان ماله إذا جمعه وأصلحه. والمعنى: لا تعجل عليّ بالانتقام فداك الأقوام وما أجمع من مال وولد.
والشاهد فيه: أن «فداء» مما التزم فيه التنكير من أسماء الأفعال. انظر البيت في المفصل (ص ١٦٤) وابن يعيش (٤/ ٧٠)، والتذييل (٦/ ٢١٣) والخزانة (٣/ ٧)، واللسان (فدى). وديوان النابغة (ص ٢٦).
(٢) انظر التذييل (٦/ ٢١٣).
(٣) الإفصاح بفوائد الإيضاح لابن هشام الخضراوي، وانظر التذييل (٦/ ٢١٣).
(٤) انظر التذييل (٦/ ٢١٣، ٢١٤) وابن يعيش (٤/ ٧٣، ٧٤).
(٥) هذا من كلام صاحب الإفصاح.
(٦) انظر الإيضاح العضدي للفارسي (ص ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>