للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال ابن عصفور: «ما ذهب إليه باطل عندي لما فيه من تكلف إضمار حرف جر من غير داعية إليه إذ يمكن أن يكون التقدير: أمسك عليك زيدا كما قال تعالى:

أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ (١)، وكذلك قوله تعالى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ (٢) تقديره:

أمسكوا عليكم أنفسكم أي امنعوها من أن تقع في ضلال (٣)، ولا يكون الفعل المضمر العامل في «عليك» أمسك في كل موضع بل يقدر على حسب ما يساعد المعنى عليه؛ ألا ترى أنك لو قلت: عليك الصوم لكان التقدير: أوجبت عليك الصوم، لأن تقدير: أمسك لا يساعد عليه المعنى» انتهى.

وما ذكره غير ظاهر: أما أولا: فلأنه بنى الأمر على أن أسماء الأفعال معمولة لعوامل مقدرة، وأنها في موضع نصب، وسيأتي الكلام على هذه المسألة وبيان أنها لا موضع لها من الإعراب.

وأما [٥/ ٣٩] ثانيا: فلأنه إذا جعل التقدير في: عليك زيدا: أمسك عليك زيدا - خرج «عليك» عن أن يكون اسم فعل ويكون انتصاب الاسم الواقع بعد «عليك» بذلك الفعل المقدر، و «عليك» متعلقة به؛ لأنا إذا قدرنا «أمسك» مثلا خرج «عليك» عن أن يكون بمعنى: الزم قطعا، وبخروجها عن ذلك تخرج عن أن تكون في هذا التركيب اسم فعل، وكذا ما نسب إلى المازني من أن أصل الكلام: خذ زيدا من عليك أي من فوقك - لا معول عليه.

والحق أن «عليك» من: عليك زيدا بمعنى الزم وهي الناصبة لـ «زيد» وذلك أن هذا الجار والمجرور الذي هو «عليك» وما أشبهه قد كان معمولا لشيء ثم نقل وسمي به الفعل ووجب قطع النظر عن الحالة التي كان عليها أولا (٤).

وبعد، فالذي ذكره ابن عصفور لم يتجه لي تقريره، وكذا ما ذكره عن المازني -


- والشاهد فيه: دخول من على «على» لأنها اسم في تأويل فوق كأنه قال: غدت من فوقه، والبيت في الكتاب (٤/ ٢٣١)، والمقتضب (٣/ ٥٣) والكامل (٢/ ٨٢) والخزانة (٤/ ٢٥٣)، والمغني (ص ١٤٦)، والعيني (٣/ ٣٠١) والتصريح (٢/ ١٩)، والهمع (٢/ ٣٦) والأشموني (٢/ ٢٦٦).
(١) سورة الأحزاب: ٣٧.
(٢) سورة المائدة: ١٠٥.
(٣) في البيان (١/ ٣٠٧) «أي احفظوا أنفسكم» وانظر التبيان للعكبري (ص ٤٦٥).
(٤) انظر ما ذكره المؤلف ردّا على ابن عصفور والشيخ أبي حيان في «إليك» في الصفحة السابقة.
وانظر التبيان للعكبري (ص ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>