للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنيبت مناب الفعل ولم تجعل في أول أحوالها اسما له لم يعامل معاملة «نزال» وأشباهها فيلزم بناؤها، وكونها مضافة إلى ما بعدها يدل على افتراقها من «نزال» وشبهه؛ لأن أسماء الأفعال لا تضاف» انتهى كلام ابن عصفور - رحمه الله تعالى - ولم يذكر العامل المقدر في اسم الفعل ما هو؟ بل اقتصر على ما نقله عن أبي علي أن الأصل: اعطف عليك زيدا، واقتصاره عليه دليل أنه رضيه مع أنه قد تقدم له نظير ذلك وهو أنه جعل التقدير في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ (١): أمسكوا عليكم أنفسكم.

لكن لقائل أن يقول: يلزم مما ذكره أن يكون «زيدا» من: عليك زيدا - منصوبا بـ «اعطف» المقدر ويكون «عليك» متعلقا به، وعلى هذا لا يكون عليك اسم فعل حينئذ، وإن قال: إن اسم الفعل ضمّن معنى: «اعطف» بعد حذفه كان معنى عليك زيدا: اعطف زيدا، وليس ذلك معنى هذه الكلمة، إنما معناها: «الزم».

والذي يظهر أن نحو: عليك وإليك بعد أن نقل وسمّي به الفعل يمتنع أن يقدر له عامل من حيث اللفظ والمعنى: أما اللفظ: فلأن «عليك زيدا» ليس معناه: اعطف عليك زيدا كما عرفت، وأما المعنى: فلأن الذي يستفاد من اسم الفعل إنما هو الذي يستفاد من الفعل، والذي يستفاد من الفعل إما طلب فعل أو إخبار عن فعل، وشيء من هذين الأمرين لا يقبل المفعولية.

وأما قوله - أعني ابن عصفور - في «دونك» و «مكانك» و «حذرك» أن من اعتقد في أسماء الأفعال أنها معمولة

لعوامل مضمرة فإنه يعتقد في هذه يعني: دونك ومكانك وحذرك أنها معربة؛ وتعليله ذلك بأنها في الأصل ظرف كـ «مكانك» و «دونك» أو مصدر كـ «حذرك»، وقد كانت معمولة لأفعال، فلما حذفت تلك الأفعال وأنيبت هي منابها بقيت على ما كانت عليه من الإعراب - فغير ظاهر؛ لأنها إن كانت باقية (على ما كانت عليه من الإعراب) (٢) فالعامل فيها الآن - أعني بعد النقل - إن كان العامل فيها قبل النقل؛ فهي باقية على ما كانت -


(١) سورة المائدة: ١٠٥.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (جـ) وفي (أ) زيادة كلمة «فيها» بعد قوله: من الإعراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>