للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نحو قول الشاعر:

٣٦٥٥ - دامنّ سعدك إن رحمت متيّما ... لولاك لم يك للصّبابة جانحا (١)

فإنّ دام باستعماله دعاء صار معناه مستقبلا فساغ دخول النون وثم إنها تباشر الأمر جوازا فيقال: اعلمنّ، واعلمنّ، واعلمانّ، واعلمنّ.

وينبغي أن يقتصر في التمثيل لذلك بفعل أمر من يخاطبه خاصة كما فعلنا، لأن الأمر إن كان لغير من يخاطبه فإنما يكون بغير صيغة أمر المخاطب وهو صيغة المضارع، فهي إذا داخلة في قسم المضارع فلا يمثل بها مع فعل الأمر الذي هو للمخاطب وكذا فعل النهي، ولو كان النهي للمخاطب داخلا في قسم المضارع لأنه إما يكون بصيغته، وأما المضارع فمباشرتها له إنما تكون بشرط يذكر، ثم المباشرة له إما على سبيل الوجوب وإما على

سبيل الجواز، والمباشرة وجوبا إنما هي في صورة واحدة، وإما المباشرة جوازا ففي صور أربع: صورة هي فيها أكثرية، وصورة هي فيها كثيرة، وصورة هي فيها قليلة، وصورة هي فيها أقل من التي قبلها كما سيتضح ذلك عند شرح ألفاظ الكتاب.

ثم إن المصنف أشار أولا إلى الصورة التي يجب أن يؤتى فيها بالنون وذكر أن شروط الوجوب خمسة: كون الفعل مضارعا، وكونه مثبتا، وكونه مستقبلا، وكونه جواب قسم وكونه غير مفصول بينه وبين لام الجواب بشيء، وقد صرح في متن الكتاب [٥/ ٤٤] بالشروط المذكورة، غير أن كلامه يضمن أن الشروط ستة وذلك أنه جعل الخلو من حرف التنفيس شرطا وجعل كونه غير متعلق به جار سابق شرطا آخر، وقد عرفت أن شرط الفصل بين الفعل واللام بشيء كاف على أن في قول المصنف: «غير متعلّق به جارّ سابق» قصورا فإن المعتبر في عدم الإتيان بالنون إنما هو الفصل بمعمول ذلك الفعل كائنا ما كان والذي ذكره في باب القسم وهو قوله «ولا يتقدّم معموله» -


(١) هذا البيت من الكامل لقائل مجهول، وفيه الإضمار.
الشرح: قوله دامن: أصله: دام من الدوام ودخله نون التوكيد على وجه الشذوذ، وسعدك: الخطاب لمحبوبته والمتيم: من تيّمه الحب إذا عبّده - بالتشديد - والصبابة: المحبة والعشق والجانح: من جنح إذا مال.
والشاهد فيه: قوله «دامن» حيث دخلت نون التوكيد الفعل الماضي وهو قليل شاذ؛ لأن نون التوكيد لا تدخل إلا على الأمر والمضارع. وانظر البيت من المغني (ص ٣٣٩) والعيني (١/ ١٢٠)، وشرح التصريح (٢/ ٢٠٣) والهمع (٢/ ٧٨) والدرر اللوامع (٢/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>