للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما المسألة الثانية: فهي التي أشار إليها المصنف بقوله: والنّفي بلا متّصلة كالنّهي على الأصحّ، قال في شرح الكافية (١): «وقد يؤكد بإحدى النونين المضارع المنفي بلا تشبيها بالنهي كقوله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (٢)، قال (٣): وقد زعم قوم أن هذا نهي وليس بصحيح، ومثله قول الشاعر:

٣٦٧٣ - فلا الجارة الدّنيا بها تلحينّها ... ولا الضّيف منها إن أناخ محوّل (٤)

إلا أن توكيد «تصيبن» أحسن لاتصاله بـ «لا» فهو بذلك أشبه بالنهي كقوله تعالى: لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ (٥) بخلاف قول الشاعر: «تلحينّها» فإنه غير متصل بـ «لا» فبعد شبهه بالنهي ومع ذلك فقد سوغت توكيده «لا» وإن كانت منفصلة، فتوكيد «تصيبن» لاتصاله بـ «لا» أحق وأولى» (٦) انتهى.

وذكر الشيخ (٧) عن الزجاج قال: زعم بعضهم أنه خبر فيه طرف من النهي كما تقول:

أنزل عن الدّابّة لا تطرحنّك [٥/ ٤٦] (٨) ومثله: لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ (٩)، -


(١) انظر شرح الكافية الشافية (٣/ ١٤٠٣).
(٢) سورة الأنفال: ٢٥.
(٣) أي ابن مالك.
(٤) هذا البيت من الطويل وقائله كما ذكرنا النمر بن تولب العكلي من قصيدة لامية طويلة.
الشرح: قوله: الدنيا أي القريبة، وتلحينها: من لحيته ألحاه لحيا: إذا لمته ولاحيته ملاحاة إذا نازعته وقوله: إن أناخ: أي إذا برّك راحلته، وقوله: محول بضم الميم من التحويل يشير بهذا إلى كرم الممدوحة بأن جارتها لا تلومها ولا تنازعها ولا هي تمنع ضيفها إذا برك عندها، وقوله: منها ويروى «عنها» يتعلق بقوله محول أي الحميرة المذكورة في أول القصيدة وهو:
تأبد من أطلال جمرة مأسل ... فقد أقفرت منها سراء فيذبل
والشاهد فيه: في قوله «تلحينها» حيث أكده بالنون بعد لا النافية تشبيها لها باللفظ بلا الناهية. انظر البيت في العيني (٤/ ٣٤٢) والأشموني (٣/ ٢١٨).
(٥) سورة الأعراف: ٢٧.
(٦) نقل هذا الكلام عن شرح الكافية الشافية (٣/ ٢١٨: ٢١٩) الأشموني ثم قال: «ما اختاره الناظم هو ما اختاره ابن جني، والجمهور على المنع» وانظر شرح الألفية لابن الناظم (ص ٦٢٤).
(٧) انظر التذييل (٦/ ٢٥٦).
(٨) قال الأشموني (٣/ ٢١٩): «وقال الفراء: الجملة جواب الأمر نحو قولك: انزل عن الدابة لا تطرحنك.
(٩) سورة النمل: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>