للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفصل بينها وبين منصوبها بالظرف وشبهه اختيارا، وقد يرد ذلك مع غيرها اضطرارا.

فمثال (١) الفصل بين «أن» ومنصوبها: قولك: أختار أن عندي تقيم، وأن في الدار تجلس، ومن أجاز ذلك يمكن أن يعلل إجازته له بما جاز في أن نحو: علمت أنّ اليوم زيدا مسافر، وأنّ في الدار عبد الله جالس، فقاس «أن» على «أنّ» بجامع ما اشتركا فيه من المصدرية والعمل، لكن مذهب سيبويه والجمهور (٢) أنه لا يجوز شيء من ذلك، فلا يفصل بظرف ولا مجرور ولا قسم ولا غير ذلك.

ومثال الفصل بين غير «أن» ومنصوبها:

٣٧٨١ - لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلا ... أدع القتال وأشهد الهيجاء (٣)

أي: لن أدع القتال ما رأيت أبا يزيد مقاتلا وهو مخصوص بالضرورة بلا خلاف.

الحكم الخامس: أن بعضهم أجاز الجزم بـ «أن» قال الإمام بدر الدين (٤) رحمه الله تعالى: حكي عن الرؤاسي (٥) أنه قال: فصحاء العرب ينصبون بـ «أن» وأخواتها الفعل، ودونهم قوم يرفعون بها، ودونهم قوم يجزمون بها، قال: وعنده أن مستند الرؤاسي في ذلك ما جاء في الشعر من نحو قوله:

٣٧٨٢ - لقد طال كتماني عزيزة حاجة ... من الحاج لا تدري عزيزة ما هيا

-


(١) انظر التذييل (٦/ ٥١٨، ٥١٩).
(٢) قال في الكتاب (٣/ ١٢، ١٣): «ولا تفصل بين شيء مما ينصب الفعل وبين الفعل سوى إذن، لأن إذن أشبهت أرى ...» وقال (٣/ ١٣): «ولم يفصلوا بين أن وأخواتها وبين الفعل كراهية أن يشبهوها بما يعمل في الأسماء نحو: ضربت وقتلت؛ لأنها لا تصرف الأفعال نحو: ضربت
وقتلت ولا تكون إلا في أول الكلام لازمة لموضعها لا تفارقه فكرهوا الفصل لذلك؛ لأنه حرف جامد»، وانظر حاشية الصبان (٣/ ٢٨٤).
(٣) هذا البيت من الكامل ولم أهتد إلى قائله، ومحل الشاهد قوله: «أدع القتال» حيث فصل بين «لن» ومعمولها بـ «ما» الظرفية المصدرية وصلتها، وهو مخصوص بالضرورة والبيت في المقرب (١/ ٢٦٢) والمغني (٢٨٣)، والأشموني (٣/ ٢٨٤).
(٤) انظر: شرح التسهيل لبدر الدين (٤/ ١٣).
(٥) الرؤاسي: محمد بن الحسن النحوي أبو جعفر ابن أخي معاذ الهراء، سمي الرؤاسي لأنه كان كبير الرأس وهو أول من وضع من الكوفيين كتابا في النحو، وهو أستاذ الكسائي والفراء، وكان رجلا صالحا، وكتابه يقال له: «الفيصل» انظر ترجمته في بغية الوعاة (١/ ٨٢)، وقد سبقت ترجمته بالتفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>