للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما ما ذكره ولده فإنه قال (١): «إذن» حرف معناه الجواب والجزاء فلا يصحب إلا جملة هي جواب شرط مذكور كقولهم: إن تأتني إذن آتيك، أو مقدر بـ «إن» إلا في ما بعدها اللام، قال الفراء (٢): إذا أتت بعد «إذن» اللام فقبلها «لو» مقدرة نحو: وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ (٣)، وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (٤)، وإِذاً لَأَذَقْناكَ (٥) التقدير: لو كان معه إله لذهب، ولو فعلت لاتخذوك خليلا، ولو ركنت لأذقناك.

ولا تلزم صدر الجواب بل قد تأتي وسطا [٥/ ١٠٤] وآخرا نحو: أنا إذن أفعل، وأنا أفعل إذن، ولا تختص بالأفعال وكان حقها أن لا تعمل ولكنهم شبهوها بـ «أن» لغلبة استقبال الفعل بعدها ولأنها تخرج الفعل عما كان عليه إلى جعله جوابا كما تخرج «أن» الفعل عما كان عليه إلى جعله في تأويل المصدر، وعملت عمل «أن» فنصبت المضارع وإن لم تختص به كما عملت «ما» عمل «ليس» وإن لم تختص بالأسماء، هذا مذهب أكثر النحويين، وما عزاه إلى الخليل

من أن الفعل بعد «إذن» منصوب بـ «أن» مضمرة إنما مستنده فيه قول السيرافي في أول شرح الكتاب (٦): روى أبو عبيدة عن الخليل أنه قال: لا ينصب شيء من الأفعال المضارعة إلا بـ «أن» مظهرة أو مضمرة و «كي» و «لن» و «إذن» وغير ذلك (٧).

وليس في هذا نص على انتصاب المضارع بعد «إذن» عند الخليل بـ «أن» مضمرة لجواز أن تكون «إذن» مركبة من «إذ» التي للتعليل و «أن» محذوفا همزتها بعد -


(١) انظر: شرح التسهيل للإمام بدر الدين (٤/ ١٩، ٢٠).
(٢) انظر: معاني القرآن (١/ ٢٧٤)، (٢/ ٢٤١)، وانظر: المغني (ص ٢١).
(٣) سورة المؤمنون: ٩١.
(٤) سورة الإسراء: ٧٣.
(٥) سورة الإسراء: ٧٥.
(٦) انظر: شرح كتاب سيبويه للسيرافي (رسالة) (١/ ٦١).
(٧) قال سيبويه في الكتاب (٣/ ١٦): (وقد ذكر لي بعضهم أن الخليل قال: «أن» مضمرة بعد «إذن»، ولو كانت مما يضمر بعده «أن» فكانت بمنزلة «اللام» و «حتى» لأضمرتها إذا قلت: عبد الله إذن يأتيك، فكان ينبغي أن تنصب إذن يأتيك؛ لأن المعنى واحد ولم يغير فيه المعنى الذي كان في قوله:
إذن يأتيك عبد الله كما يتغير المعنى في «حتى» في الرفع والنصب فهذا ما ردوا، وأما ما سمعت منه فالأول). فقد نص سيبويه على أن بعضهم ذكر ذلك عن الخليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>