للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنها: أن صاحب الإفصاح قال (١): واعلم أن قول النحويين في هذا: إنه إلغاء؛ فيه تجوّز؛ لأن الإلغاء في الحقيقة: ترك العمل مع التسلط، ولذلك جاز العمل في كل ما يلغى حقيقة لتسلطه في المعنى والحكم نحو: زيدا قائما ظننت، فأما نحو: إن زيدا إذن يكرمك فـ «يكرمك» خبر «إنّ» وما دخلت عليه «إذن» محذوف كجواب «إن» في قولك: زيد إن قمت يقوم؛ لأن ما يطلب جوابا لا بد له منه لفظا أو تقديرا، فكيف يصح أن تقول: ألغي عنه وهو لم يدخل عليه ولا توجّه حكمه عليه؟

لكن تجوّز النحويون في ذلك فسموه إلغاء من حيث دخل على فعل قد يعمل فيه في موضع ما على وجه ما فلم يعمل فيه، ومما يدل على هذا أنك إذا قلت: أنا أكرمك إذن، كيف يصح تسلط «إذن» على ما قبلها؟ وإنما حذفوا جوابها لدلالة ما تقدم عليه كما تقول: أكرمك إن تقم، وأنا مكرم لك لو وافيتني، وإني أكرمته لما جاءني فـ «إذن» هنا كسائر ذوات الجزاء؛ لأنها جزاء [٥/ ١٠٦] ولذلك جاز فيها: إذن والله أكرمك بالنصب وليس من نواصب الفعل ما يفصل بينه وبين معموله بالقسم سواها، وجاز في «إذن» من حيث هي طالبة جواب، وشأن طالبي الجواب إذا اجتمعا أن يعامل الأول ويستغنى بجوابه عن الثاني فقلت: إذن والله أكرمك، كما قلت: إن تقم والله أكرمك، فإن عكست قلت: والله إذن لأكرمنّك فـ «إذن» ليست ملغاة وإنما حذف جوابها كما حذف جواب القسم في العكس المتقدم. انتهى كلام صاحب الإفصاح وهو كلام حسن ناشئ عن فقه نفس.

وقوله: وشأن طالبي الجواب إذا اجتمعا أن يعامل الأول ويستغنى بجوابه عن جواب الثاني صحيح ولكنه ليس على إطلاقه، فإنه إذا اجتمع الشرط و «إذن» فالحكم للشرط تقدم أو تأخر تقول: إذن إن تكرمني أكرمك؛ فتجزم «أكرمك» بالشرط ولا تنصبه بـ «إذن»، وتقول: إن تكرمني إذن أكرمك، وتجزمه لأن «إذن» متوسطة. أشار إلى ذلك ابن أبي الربيع، قال (٢): وإنما كان الحكم للشرط لأنه أقوى في الجزاء وأنت لو أسقطت «إذن» واكتفيت بـ «إن» لأجزأك ذلك وفهم المعنى الذي يفهم من «إذن» قال: وليس القسم مع «إذن» كذلك؛ لأن -


(١) نقل السيوطي هذا الكلام في الأشباه والنظائر (١/ ٨٧، ٨٨) عن الإيضاح.
(٢) يبدو أن هذا الكلام في شرح الإيضاح له ولم أعثر عليه (يوجد منه أربعون ورقة من أوله - تركيا).

<<  <  ج: ص:  >  >>