للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجزاء معنى لا يفارقها، ولا يخفى أن تقدير كونها للجزاء في نحو: إذن أظنك صادقا جوابا لمن قال: أحبك - متعذر، ثم إذا تقرر أن الجواب معنى لا يفارقها علم أنه لا يجوز أن يقال: إذن يقوم زيد؛ ابتداء من غير أن يجاب بذلك أحد.

فأما قوله تعالى: قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (١) فقد حمل على أنه جواب لقول فرعون: وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (٢) يريد: من الكافرين لأنعمنا، فقال صلّى الله عليه وسلّم: لم أفعل ذلك كفرا لنعمتك كما زعمت بل فعلتها وأنا جاهل أن الوكزة تقضي عليه، ويؤيد ذلك قراءة من قرأ (٣): (وأنا من الجاهلين).

وقد خرج الشلوبين الآية الشريفة على الشرط والجزاء فقال: التقدير: إن كنت فعلت ذلك كافرا بأنعمك كما زعمت فأنا ضال ولم يثبت بذلك لنفسه كفرا ولا ضلالا لأنه لم يفعل ذلك وهو كافر كما زعم فيلزم أن يكون من الضالين بل فعلها - أعني الوكزة - ولم يقصد بها قتله ولم يحمل الكافرين على كفران النعمة ولا الضلال على الجهل، قال: لأن الضلال والكفر لا يستعملان لذلك المعنى إلا مقيدين فيقال: كافر بالنعمة وضال عن الشيء. انتهى.

وأما قول الشاعر:

٣٨٢١ - اردد حمارك لا يرتع بروضتنا ... إذن يردّ وقيد العير مكروب (٤)

فقد تقدم التقرير فيه من كلام الإمام بدر الدين (٥)، وأن الكلام الذي قبل «إذن» قد تمّ ثم استأنف كأنه أجاب من قال: لا أفعل ذلك فقال:

إذن يردّ وقيد العير مكروب

وأما قول المصنف: وأجاز بعضهم فصل منصوبها بظرف اختيارا؛ فقد تقدم الكلام على هذه المسألة بما فيه

غنية. -


(١) سورة الشعراء: ٢٠.
(٢) سورة الشعراء: ١٩.
(٣) هي قراءة عبد الله بن مسعود وابن عباس. انظر: معاني القرآن (٢/ ٢٧٩)، ومختصر شواذ القرآن (ص ١٠٦)، وتفسير ابن كثير (٣/ ٣٣٢).
(٤) تقدم.
(٥) انظر ما نقله المؤلف عن شرح التسهيل للإمام بدر الدين في أول شرح هذا المتن من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>