للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأول رفعوا ما بعد «أو» فقالوا: أفعل كذا أو أترك ليؤذن الرفع بأن ما قبل «أو» مثل ما بعدها في الشك، وإذا أرادوا بيان المعنى الثاني نصبوا ما بعد «أو» فقالوا:

لأنتظرنه أو يجيء ولأقتلنّ الكافر أو يسلم ليؤذن النصب بأن ما قبل «أو» ليس مثل ما بعدها في الشك لكونه محقق الوقوع أو راجحه، فلما احتيج إلى النصب ليعلم هذا المعنى احتيج له إلى عامل ولم يجز أن يكون «أو»؛ لعدم اختصاصها فتعين أن يكون «أن» مضمرة، واحتيج لتصحيح الإضمار إلى التأويل المذكور. انتهى.

وللباحث أن يبحث معه فيقول: قوله: إن ما بعد «أو» في مثل: لأنتظرنه أو يجيء ولأقتلن الكافر أو يسلم في مقام

الشك، وأن ما قبلها فيه محقق الوقوع أو راجحه - غير ظاهر؛ فإن «أو» وضعها أن تكون لأحد الشيئين فإذا استعملت للشك وجب أن يكون الشك في ما قبلها وفي ما بعدها على السواء دون تعيين، فنسبة الشك إلى أحدهما كنسبة الشك إلى الآخر، وأيضا فإن الشك في ما بعد «أو» في قولنا: لأقتلن الكافر أو يسلم، ولأنتظرن زيدا أو يجيء قد لا يسلّم وإن سلّم فكيف يتحقق في نحو قولنا: لأسيرنّ أو تغرب الشمس؟

والذي يظهر أن يقال: إن «أو» إذا وقعت بين فعلين مضارعين فقد يقصد تشريك ما بعدها لما قبلها في المعنى الذي سيقت له من معانيها وحينئذ يعطف بها الثاني على الأول ويكون المقصود إذ ذاك العطف خاصة دون معنى آخر، وقد لا يقصد العطف بل يقصد بـ «أو» ما يقصد بـ «إلى» من الغاية أو بـ «إلا» من استثناء بعض الأحوال فلا يراد حينئذ تشريك بين الثاني والأول في حكمه، وإذا كان كذلك امتنع عطف الفعل الذي بعدها على الفعل الذي قبلها وصار المقصود بذكر «أو» إنما هو الغاية أو الاستثناء، لكن «أو» حرف عطف في أصل وضعها ولا يمكن إهمال المعنى الذي وضعت له فوجب حينئذ الالتجاء إلى عمل يستفاد معه حصول المعنى الذي يقصد من الغاية أو الاستثناء مع بقاء «أو» مع ذلك على بابها من كونها عاطفة فقدرت «أن» بعدها ونصب بها الفعل فرجع الأمر إلى أن المعطوف بها اسم على فعل وعطف الاسم على الفعل لا يجوز إلا في موضع خاص (١)؛ فوجب لذلك تقدير مصدر [٥/ ١١١]


(١) وهو إذا كان الاسم يشبه الفعل لتقارب المعنى كقوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [الروم: ١٩]. وانظر: شرح ابن الناظم (ص ٦٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>