للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلت: رحم الله زيدا فيدخله الجنة لم يجز (١)، وإليه الإشارة بقوله: (بفعل أصيل في ذلك) وسيأتي التنبيه على الاختلاف فيه.

وأما الاستفهام: فكقولك: هل تأتينا فتحدثنا؟ ولا تريد التشريك فتنصب على تقدير:

هل يكون منك إتيان فحديث؛ إما لأن الحديث مسبب غير مبني على مبتدأ محذوف والمعنى فيه: إن تأتني تحدثني، وإما لأنه مرتب لنفي الجمع والمعنى فيه: هل تأتينا محدثا؟

قال الله تعالى: فَهَلْ لَنا [٥/ ١١٥] مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا (٢)، وقال الشاعر:

٣٨٥٧ - هل تعرفون لباناتي فأرجو أن ... تقضى فيرتدّ بعض الرّوح للجسد (٣)

واختار شيخنا (٤) رحمه الله تعالى أنه لا يجوز النصب فيما ولي «الفاء» و «الواو» بعد الاستفهام إلا إذا لم يتضمن وقوع الفعل، إما لأنه استفهام عن الفعل نفسه كما تقدم، وإما لأنه استفهام عن متعلق فعل غير محقق الوقوع كما في نحو: متى تزورني فأكرمك، وأين تسير فأرافقك، و «من يدعوني فأستجيب له؟» (٥) فينصب لأنه جواب فعل غير واجب، ولو كان الاستفهام عن متعلق فعل محقق الوقوع كما في قولك: لم يكن الإتيان والحديث: لم تأتينا فتحدثنا أو تحدثنا فليس إلا الرفع؛ لأن الإتيان موجب فلا يجوز النصب بعده إلا على مذهب من ينصب في الواجب كقوله (٦):

٣٨٥٨ - وألحق بالحجاز فأستريحا (٧)

-


(١) أجاز ذلك الكسائي. انظر: الهمع (٢/ ١١).
(٢) سورة الأعراف: ٥٣.
(٣) تقدم.
(٤) أي: ابن مالك والده ويقصد بذلك عبارة التسهيل: «أو لاستفهام لا يتضمن وقوع الفعل».
(٥) هذا جزء من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رواه البخاري عن أبي هريرة في باب التهجد بالليل. انظر البخاري بشرح السندي (١/ ٢٠٠)، وصحيح مسلم (١/ ٥٢٢).
(٦) هو المغيرة بن حبناء شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، وقال البغدادي في الخزانة (٣/ ٦٠١):
«والبيت لم يعزه أحد من خدمة كتاب سيبويه إلى قائل معين ونسبه العيني وتبعه السيوطي في أبيات المغني إلى المغيرة بن حبناء وقد
رجعت إلى ديوانه وهو صغير فلم أجده فيه» وانظر: العيني (٤/ ٣٩٠).
(٧) هذا عجز بيت من الوافر وصدره:
سأترك منزلي لبني تميم
والشاهد: في «فأستريحا» حيث نصب بعد الفاء وليس بمسبوق بنفي أو طلب وهذا ضرورة ويروى «لأستريحا» فلا ضرورة فيه. والبيت في الكتاب (٣/ ٣٩)، والمقتضب (٢/ ٢٢) والمحتسب (١/ ١٩٧)، والمقرب (١/ ٢٦٣)، والعيني (٤/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>