للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تأتينا فتحدثنا؛ فإنه يصح فيه أن يقال: ما تأتينا محدثا، فإن النفي إذا دخل على الفعل المقيد بالحال لم ينفه مطلقا إنما ينفيه بقيد تلك الحال فهو ينفي الجمع بينه وبينها وذلك هو المعنى المقصود من النصب على الوجه المذكور.

هذا آخر كلام الإمام بدر الدين ولا يخفى حسنه ولطفه.

ولنشر هنا إلى أمرين:

الأول: كلام ابن عصفور يقتضي أن من شرط صحة النصب بعد «الواو» أن يتقدم عليها فعل أو ما فيه معنى الفعل، وكذا يكون الحكم مع «الفاء» أيضا إذ لا فرق بينهما في الأحكام المذكورة في هذا الفصل، فإنه لما تكلم على الأمور الثمانية قال (١):

وأما الاستفهام فلا يخلو من أن يدخل على اسم أو فعل، فإن دخل على فعل مثل:

أتقوم فنكرمك؟ جاز الرفع على المعنيين: الاستئناف والقطع، والنصب على ما يثبت، فإن دخل على اسم فإما أن يكون ذلك الاسم ظرفا أو مجرورا أو لا: فإن لم يكن لم يجز النصب نحو: أين زيد؟ وهل أخوك زيد فنكرمه؟ لأنه ليس ثمّ ما يدل على مصدر فلم يبق إلا أن يكون مرفوعا، فإن كان ثمّ مجرور أو ظرف نحو: أين بيتك؟ (٢) أو: أفي الدار زيد؟ تصوّر النصب لأن هذا المجرور قد ناب مناب الفعل ولم يعمل العامل فيه، ألا ترى أنه يتصور اللفظ به

فتقول: أفي الدار استقر زيد؟

فلما كان ثمّ ما يدل عليه ولم يكن منسوخا حمل عليه بخلاف: عليك زيدا، إذ لا يلفظ بهذا الفعل هنا أصلا، فلما كان لا يلفظ به لم تجز معاملته فيحمل عليه فيجوز هنا الرفع والنصب. انتهى.

وتبعه الشيخ في ذلك لكنه أوضح الكلام في المسألة فقال (٣): النصب في جواب الاستفهام تارة يكون بعد أداة الاستفهام من الحرف نحو: «الهمزة» و «هل»، وتارة بعد أداته من الاسم ظرفا وغير ظرف، فأما الحرف فنحو قوله تعالى: فَهَلْ -


(١) هذا مضمون كلام ابن عصفور في شرح الجمل (٢/ ١٥٠) وقد تقدم نقل مثل هذا الكلام عن المقرب ولكن ليس بنصه. ولعل النص الذي بين أيدينا في كتاب آخر غير هذين الكتابين.
(٢) لم يظهر لي أن اسم الاستفهام هنا قد دخل على ظرف ولعله خطأ من الناسخ بدليل ذكر «أو» بعده.
(٣) انظر: التذييل (٦/ ٦١٢، ٦١٣) وقد نقله المؤلف بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>