للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كلها فيها معنى «إن» فلذلك انجزم الجواب.

وليس [٥/ ١٢٦] ذلك من سيبويه محمولا على ظاهره، قال السيرافي (١): وهذه الأشياء التي ذكرناها من الأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض تغني عن ذكر الشرط بعدها ويكتفى بذكرها عن ذكره فلذلك تجوز سيبويه في عبارته فأوهم أن هذه الأشياء هي الجازمة لما بعدها، ثم قال: وهذا من سيبويه مسامحة في اللفظ واتساع كما اتسع في نصب الظرف وقال في نحو: زيد خلفك: نصب بما قبله، ثم حكى عن الخليل ما يدل على حقيقة الجازم، وهذا الذي ذكره السيرافي هو الذي يعول عليه في هذه المسألة والله تعالى أعلم.

هذا آخر كلام الإمام بدر الدين رحمه الله تعالى. ودل على أن العلة المقتضية لجزم الجواب في المسائل المذكورة هو الأمر أو النهي لأنه علل جزم جواب الاستفهام بأن الاستفهام يراد به الأمر، وقال: إن معنى (٢) «أين بيتك أزرك؟»: عرفني بيتك أزرك، وقال في العرض والتحضيض والتمني: إنها أجريت مجرى الأمر، وهذا يقتضي أن المسوغ للجزم هو معنى الأمر في جميع المسائل المذكورة، وهو غير ما نزع إليه المصنف؛ لأنه قد علل الجزم كما عرفت بقوله (٣): لأنه شبيه بالشرط في جواز وقوعه وعدم جواز وقوعه بالنسبة إلى علم المتكلم. والذي قاله المصنف أظهر وأقرب إلى الحق لأن كون الاستفهام أمرا غير مسلم، وإنما استفيد الأمر في الآيتين الشريفتين بما انضم إلى الاستفهام وهو قوله في الآية الأولى: فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ (٤) وقوله تعالى في الآية الثانية: قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ (٥) قبل: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٦)، وقوله تعالى بعد: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ (٧).

وأما قوله: إن معنى «أين بيتك أزرك؟»: عرفني بيتك أزرك؟ فيمنعه الخصم ويقول:

بل معناه: إن أعرف بيتك أزرك سواء أعرفه المخاطب بذلك أم غيره، فهو خبر لا طلب. -


(١) انظر: شرح السيرافي للكتاب (رسالة) (٤/ ٤٦٢) وقد نقله بتصرف.
(٢) انظر: شرح التسهيل: (٤/ ٤١).
(٣) أي: في شرح الكافية الشافية.
(٤) سورة آل عمران: ٢٠.
(٥) سورة الأنبياء: ١٠٨.
(٦) سورة الأنبياء: ١٠٨.
(٧) سورة الأنبياء: ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>