للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٣٨٨٤ - لعلّ التفاتا منك نحوي ميسّر ... يمل بك بعد العسر نحوي لليسر (١)

وأما النفي: فجوابه إن قرن بـ «الفاء» جاز نصبه ورفعه كما سبق، وإن خلا منها رفع على الحال أو النعت أو على الاستئناف، ولم يجز جزمه؛ لأن النفي ليس مثل الطلب في دلالته على الشرط وفي اقتضائه له.

واعلم أن الجواب المذكور لا خلاف في أنه جزاء شرط من جهة المعنى ولكن اختلف في الذي عمل فيه الجزم ما هو؟

فقال أكثرهم: الجواب مجزوم بشرط مقدر دل عليه ما قبل (٢)، وقال قوم (٣): هو مجزوم بنفس ما قبله لتضمنه معنى الشرط وهو ضعيف؛ لأن التضمين زيادة بتغيير للوضع، والإضمار زيادة بغير تغيير فهو أسهل، ولأن التضمين لا يكون إلا لفائدة ولا فائدة في تضمين الطلب معنى الشرط؛ لأنه يدل عليه بالالتزام فأي فائدة في تضمنه لمعناه؟ (٤).

واختار شيخنا (٥) رحمه الله تعالى أن الجواب مجزوم بفعل الطلب؛ لما فيه من معنى الشرط أخذا بظاهر كلام سيبويه رحمه الله تعالى، قال في شرح الكافية (٦):

وأكثر المتأخرين ينسبون جزم جواب الطلب لـ «إن» مقدرة، والصحيح أنه لا حاجة إلى تقدير لفظ «إن» بل تضمن لفظ الطلب لمعناها مغن عن تقدير لفظها كما هو مغن في أسماء الشرط، نحو: من يأتني أكرمه، قال: وهذا هو مذهب الخليل وسيبويه رحمهما الله تعالى.

ولا شك أن سيبويه قال (٧): فأما الجزم بالأمر فكقولك: ائتني آتك، وأما الجزم بالاستفهام فكقولك: ألا تأتيني أحدّثك، وأما الجزم بالتمني فكقولك: ليته عندنا يحدثنا، وأما الجزم بالعرض فكقولك: ألا تنزل تصب خيرا، وإنما انجزم هذا الجواب كما انجزم جواب «إن تأتني» بـ «إن تأتني»، ثم قال: وزعم الخليل أن هذه الأقاويل -


(١) هذا البيت من الطويل لقائل مجهول، واستشهد به: على أن جزم الفعل «يمل» بعد سقوط الفاء حال كونه واقعا بعد الترجي غريب، والبيت في الهمع (٢/ ١٤)، والدرر (٢/ ١٠)، والتذييل (٦/ ٦٤٦).
(٢) اختار هذا المذهب أبو حيان. انظر: التذييل (٦/ ٦٥١). وانظر: الهمع (٢/ ١٥).
(٣) يشير بذلك إلى مذهب ابن مالك الذي ذكره في شرح الكافية الشافية (٣/ ١٥٥١).
(٤) انظر: التذييل (٦/ ٦٤٩).
(٥) أي: العلامة ابن مالك.
(٦) انظر: الكافية الشافية (٣/ ١٥٥١).
(٧) انظر: الكتاب (٣/ ٩٣) وقد نقله عنه بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>