للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فامتنع نصب ما بعد «الفاء»، ومن ثمّ لم يوافق الكسائيّ في ما ذهب إليه أحد، إلا أن بعض أصحاب «كتاب سيبويه» وهو أبو الحسن بن عصفور أجاز (١) نصب جواب اسم الفعل المشتق من مصدر نحو: نزال ودراك، ولم يجز نصب جواب الأمر بلفظ الخبر، ولا نصب جواب اسم الفعل غير المشتق، وليس (٢) في كون «نزال» وشبهه مشتقّا من لفظ المصدر ما يسوغ تأويله بالمصدر، فإنه المصحح للنصب في نحو: انزل فأنزل، هو صحة تأول فعل الأمر بالمصدر من قبل أن فعل الأمر يصح أن يقع في صلة «أن» مصدرا كما في نحو: أو عزت إليه بأن افعل، ولا يصح ذلك في اسم الفعل المشتق من المصدر كما لم يصح في غير المشتق فلا فرق بينهما في امتناع نصب الجواب.

وقد تقدم أنه لا ينصب جواب الدعاء إلا إذا كان بلفظ الطلب، وحكى الشيخ (٣) هنا أن الكسائي يجيز نصب جواب الدعاء بلفظ الخبر، ولم ينفرد الكسائي بهذا الجواز فإن ابن السراج حكي ذلك عنه (٤) ثم قال (٥): وقال الفراء:

إن قلت: غفر الله لزيد فيدخله الجنة جاز.

واعلم أن الأمر إنما يجزم بعده المضارع إذا كان جوابا لما يدل عليه دلالة ظاهرة ويستلزمه لزوما بيّنا وهو شرط الفعل المأمور به (٦)، وعلامة ذلك: صحة تقدير «إن تفعل» مكان الأمر، تقول: ائتني آتك؛ لأنك لما أمرت بالإتيان دل على أنه سبب وشرط لشيء هو عندك الإتيان، فجزمت بناء على ما دل عليه الأمر، كأنك قلت: إن تأتني آتك، وتقول: ائتني لا أزورك أبدا فترفع على الاستئناف، ولا يجوز أن تجزمه على معنى:

إن تأتني لا أزورك؛ لأن الإتيان لا يكون سببا لترك الزيارة ولا على معنى: إن لا تأتني لا أزورك؛ لأن لفعل الأمر دلالة ظاهرة على أنه شرط لفائدة فيصح جزم الفعل بعده إذا حسن تقدير «إن تفعل» مكانه وجعل ذلك الفعل جوابا له، وليس لفعل الأمر دلالة ظاهرة على أن تركه شرط لشيء فلا يجوز جزم الفعل بعده بأنه جواب شرط مخالف. -


(١) انظر: شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ١٤٩، ١٥٠).
(٢) هذا رد من ابن المصنف على ابن عصفور. وانظر: التذييل (٦/ ٦٥٤).
(٣) يعني والده الإمام ابن مالك، ويعني بقوله: «هنا» أي في التسهيل الذي يتناوله بالشرح.
(٤) انظر: الأصول لابن السراج (٢/ ١٨٦).
(٥) المرجع السابق.
(٦) على هامش النسختين عند هذا الموضع أشار الناسخ إلى أن هاهنا حاشية من خطه رحمه الله وهي: «أي بأن يجعل ذلك الفعل شرطا لما بعده في التقدير» اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>