للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في مجازاة أو غيرها. وأجاز الكوفيون (١) نصب المعطوف على الشرط بـ «ثم» كما في «الواو» و «الفاء»، ومنه قراءة الحسن (٢): (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثمّ يدركه الموت).

ومثال الثاني: إن تأتني آتك وأحسن إليك، والوجه فيه الجزم على الاشتراك في معنى الجزاء، والرفع على الاستئناف، ويجوز نصبه بإضمار «أن» على تقدير: إن تأتني يكن إتيان وإحسان، وحكى سيبويه (٣) أن بعضهم قرأ (٤): (يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشآء ويعذّب من يشآء)، ثم قال (٥): واعلم أن النصب بـ «الفاء» و «الواو» في قولك: إن تأتني آتك وأعطيك - ضعيف وهو نحو من قوله:

٣٨٨٧ - وألحق بالحجاز فأستريحا (٦)

فهذا يجوز وليس بحدّ الكلام ولا وجهه إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلا؛ لأنه ليس بواجب أنه يفعل إلا أن يكون من الأول فعل، فلما ضارع الذي لا يوجب كالاستفهام ونحوه أجازوا فيه هذا على ضعفه وإن كان معناه كمعنى ما قبله، وأنشد للأعشى:

٣٨٨٨ - ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ... مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا

وتدفن منه الصّالحات، وإن يسئ ... يكن ما أساء النّار في رأس كبكبا (٧)

-


(١) انظر: التذييل (٦/ ٦٦٣).
(٢) في المحتسب (١/ ١٩٥): «وقراءة الحسن والجراح: ثم يدركه: بنصب الكاف»، وانظر التبيان للعكبري (ص ٣٨٥)، والحسن: هو الحسن بن يسار البصري أبو سعيد، تابعي، كان إمام أهل البصرة وحبر الأمة في زمنه، ولد بالمدينة وشب في كنف علي بن أبي طالب. توفي سنة (١١٠ هـ)، انظر ترجمته في طبقات القراء (١/ ٢٣٥)، وحلية الأولياء (٢/ ١٣١)، وأمالي المرتضى (١/ ١٥٢)، والأعلام (٢/ ٢٢٦).
(٣) انظر: الكتاب (٣/ ٩٠) وعبارته: «وبلغنا أن بعضهم قرأ».
(٤) هي قراءة ابن عباس والأعرج وأبي حيوة. وانظر: الإتحاف (ص ١٦٧)، والبحر المحيط (٢/ ٣٦٠).
(٥) أي: سيبويه، انظر: الكتاب (٣/ ٩٢) وقد نقله عنه بتصرف يسير.
(٦) تقدم.
(٧) هذان البيتان من الطويل وهما للأعشى، ديوانه (ص ٨٨).
الشرح: مجرّا ومسحبا: مصدران ميميان أو اسما مكان و «كبكب» جبل، قيل: هو خلف جبل عرفات مشرف عليها.
والمعنى: يقول: من يغترب عن قومه يجري عليه الظلم لعدم ناصره، فتختفي حسناته وتظهر سيئاته، -

<<  <  ج: ص:  >  >>