للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

انتهى.

وإنما ذكرت حكم الفعل الخالي من «الفاء» و «الواو» هنا قبل الدخول في فصل «الجوازم» لتعلقه بما ذكر قبله، ولا يخفى أننا استفدنا من جزم «تنحط» بعد نصب «تخبأ» أن الفعل المعطوف على فعل منصوب واقع بعد فعل الجزاء يجوز فيه ثلاثة الأوجه: النصب والرفع والجزم؛ لأن الجزم إذا جاز كان النصب والرفع أجوز؛ لأن النصب بالعطف على لفظ ما قبله، والرفع على الاستئناف، وأما الجزم فإنما هو على الموضع؛ لأن «تخبأ» مثلا في البيت يجوز فيه الجزم عطفا على ما قبله، فكان المجزوم بعده معطوفا على محله.

وإذا عرف ذلك فلنرجع إلى ألفاظ الكتاب ونقول:

قوله: بين مجزومي أداة شرط أراد به الجزم لفظا أو محلّا، فلو كان الفعلان ماضيين كان حكم الفعل الواقع بينهما كذلك ثم إنه لا يلزم ذكرهما معا، فقد يكون الجزاء محذوفا لدليل، ويكون حكم النصب باقيا، قال الشاعر:

٣٩٠٠ - فلا يدعني قومي صريحا لحرّة ... لئن كنت مقتولا ويسلم عامر (١)

فقوله «ويسلم» واقع بين مذكور ومحذوف، التقدير: لئن كنت مقتولا ويسلم عامر فلا يدعني قومي، وإنما حذف لدلالة ما قبل عليه كقولهم: أنت ظالم إن فعلت.

وقوله: أو بعدهما أي: بعد فعلي الشرط، ولا يريد خصوصية الفعل، بل لو كان الجزاء جملة اسمية كان الحكم كذلك، قال الله تعالى: وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ (٢) قرئ (٣) -


(١) هذا البيت من الطويل نسب لقيس بن زهير بن جذيمة، ويعني بقوله: ويسلم عامر أي: عامر بن الطفيل والمراد به القبيلة كما ذكر ابن السيرافي، والشاعر يقول: لئن قتلت وعامر سالم من القتل فلست بصريح النسب حر الأم، ويعني بذلك أنه إن لم يثأر من العامري الذي قتل أباه فلا يدعه قومه صريحا لحرة.
والشاهد في البيت: نصب «يسلم» لوقوعه بين الشرط والجزاء مع كون الجزاء محذوفا لدلالة ما قبله عليه، ويجوز الرفع على الاستئناف، قال سيبويه: «والرفع أيضا جائز حسن». انظر: الكتاب (٣/ ٤٦)، والمقتضب (٤/ ٩٣)، والهمع (٢/ ١٦)، وانظر: الدرر اللوامع (٢/ ١٠).
(٢) سورة البقرة: ٢٧١.
(٣) في (جـ): «قرأ». وقد قرأ نافع وحمزة والكسائي بالجزم، وقرأ الباقون بالرفع، ولم يقرأ بالنصب في السبعة. انظر الكشف (١/ ٣١٧)
والحجة لابن خالويه (ص ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>