للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منفيّا بـ «لا» والمصنف شرط ذلك، فهو قول ثالث لم يتقدمه إليه أحد. انتهى.

ويا للعجب!! قد عرفت أن المصنف لم يحكم في المسألة المذكورة بشيء من قبل نفسه حتى يقال إنه أحدث قولا ثالثا، ولم ينسب إجازة ذلك إلى بصري ولا كوفي حتى يحتاج أن يشترط في المسألة شيئا أو لا يشترط، وإنما نقل عن الفراء أن العرب تقول: كيت وكيت، والفراء إمام كبير، رأس الكوفيين بعد الكسائي، فمن أجل ذلك قال في التسهيل: والمنفيّ بـ «لا» الصّالح قبلها «كي» جائز الرّفع والجزم سماعا عن العرب مقتديا في ذلك بنقل الفراء.

ثم قال الشيخ (١): ولم يبين المصنف وجه جواز الرفع ولا وجه جواز الجزم في هذه المسألة، وقد ذكرنا وجه جواز الجزم على مذهب من أجازه، وأنه لوحظ فيه على قولهم معنى الشرط والجزاء وإن لم يكن بأداة ذلك، ولا من الأشياء التي تقدم ذكرها، وأما وجه الرفع فلم أر أحدا تعرض له، ومعنى الكلام يقتضي أنه متعلق بما قبله تعلقا لا يمكن انفصاله منه؛ لأن الكلام في قوة الجملة الواحدة، وليس جملتين مستقلتين؛ لأن المعنى ليس على الإخبار بأنه يأتي الأمير زيد، ثم أخبر بعد ذلك أن الأمير لا يقطع اللص، وإذا لم يكن الكلام جملتين مستقلتين فالجملة الثانية هي في قوة المفرد، وإذا كانت كذلك فلا يمكن أن تكون في موضع الحال لفساد المعنى؛ لأنه لا يريد: ربطت الفرس غير منفلت، ولا: زيد يأتي الأمير غير قاطع اللص، وإنما المعنى: أني ربطت الفرس لئلا ينفلت، وإنّ زيدا يأتي الأمير لئلا يقطع اللص، فهو مفعول من أجله حذفت منه اللام فبقي: ربطت الفرس أن لا ينفلت، وزيد يأتي الأمير أن لا يقطع اللص (٢)، ثم اتسعت العرب في ذلك فحذفت «أن» فارتفع الفعل على حد ارتفاعه بعد حذف «أن» في قول الشاعر:

٣٩٠٧ - ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى (٣)

-


(١) انظر: التذييل (٦/ ٦٧٨).
(٢) بعده في النسختين: وزيد يأتي الأمير أن يفلت اللص. وهذه الزيادة لم أر لها معنى هنا.
(٣) هذا صدر بيت من الطويل وهو لطرفة بن العبد البكري، ديوانه (ص ٣٢) وعجزه:
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
وهو من معلقة طرفة بن العبد البكري التي أولها:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد ... وقفت بها أبكي وأبكي إلى الغد
-

<<  <  ج: ص:  >  >>