للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جائز. فإن هذا هو حكم كل منهما.

وحاصل الأمر: أن الحرفين المذكورين لم يكن بينهما اجتماع في شيء فيحتاج إلى أن يفرق بينهما، غاية ما في الباب أن لفظهما مشترك فيه بين المعنيين، وأما في المعنى فليس بينهما اشتراك في شيء منه، وإنما يحتاج إلى الفرق بين أمرين إذا اشتركا في معنى وافترقا في آخر.

وأما قول المصنف: ولا تنصب «أن» محذوفة في غير المواضع المذكورة إلّا نادرا، وفي القياس عليه خلاف فظاهر، لكن في كلام الشيخ أن حذف «أن» من أصله في غير المواضع المذكورة فيه خلاف، فإنه قال في الارتشاف (١): ولا يجوز أن تحذف «أن» في غير ما تقدم ذكره، بل يجب إظهارها، هذا مذهب جماعة؛ منهم متأخرو أصحابنا، وذهب جماعة إلى أنه يجوز حذفها في غير تلك المواضع، واختلفوا فذهب أكثرهم إلى وجوب رفع الفعل بعد الحذف، وهو مذهب أبي الحسن (٢)، ومذهب أبو العباس (٣) إلى أن العمل يبقى بعد الحذف. انتهى.

ولكنه استشهد في الشرح (٤) على الحذف بعد ذكر الأبيات التي تقدم إنشادها بقوله تعالى: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٥) أي: أن أعبد، وبقوله تعالى:

وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ (٦) أي: أن لا تعبدوا إلا الله.

وبعد أن ثبت الحذف في هاتين الآيتين الشريفتين كيف يسوغ القول بمنعه؟ على أن الشيخ بعد ذكر آيات الكتاب العزيز، وذكر ما تقدم من الأبيات قال (٧): وفي هذه الشواهد دليل على جواز الحذف ثم قال: ولأن الحذف مع لام «كي» وبعد العاطف على اسم إنما هو للدلالة على الناصب وكذلك في هذه المواضع؛ لأن العامل إذا تسلط على الفعل - وليس من عوامله - علم أنه لا يعمل فيه فاحتيج إلى سابك لذلك الفعل إلى الاسم فجاز الحذف لهذا المعنى. انتهى.


(١) انظر: الارتشاف (٢/ ٤٢٢، ٤٢٣).
(٢) انظر: الهمع (٢/ ١٧)، ومنهج الأخفش الأوسط (ص ٢٥٥).
(٣) انظر: الهمع (٢/ ١٧)، والإنصاف (ص ٥٥٩) وما بعدها مسألة رقم (٧٧).
(٤) انظر: التذييل (٦/ ٦٩١).
(٥) سورة الزمر: ٦٤.
(٦) سورة البقرة: ٨٣.
(٧) التذييل والتكميل (٦/ ٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>