للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٣٩٢٤ - تركتم منزل الأضياف منّا ... فعجّلنا القرى أن تشتمونا (١)

أي: لئلا ينفلت، ولئلا تضلوا، ولئلا تشتمونا، قال (٢): والصحيح أن «أن» هنا ليست بمعنى: لئلا؛ لأنه يلزم من ذلك وقوع الفعل المثبت منفيّا، ألا ترى أن قوله: أن ينفلت فعل مثبت، إلا أنه لا يصح أن يجعل علة للربط، ولا الضلال علة للبيان، ولا الشتم علة لتعجيل القرى؛ لأن الشيء لا يعلل بما لا يقتضيه ولا يتسبب عنه، لكنه يتصور إبقاء «أن» على حالها ويكون ذلك على حذف مضاف، التقدير: ربطت الفرس مخافة أن ينفلت، ويبين الله لكم كراهة أن تضلوا، وفعجلنا القرى مخافة أن تشتمونا، ويكون ذلك كله مفعولا من أجله.

ومنها: ما ذكره أبو علي الفارسي من أنها تكون بمعنى «أن» المخففة من الثقيلة بقوله: إن كان زيد لعالما، فإذا أدخلت على «إن» هذه فعلا ناسخا فتحتها نحو:

علمت أن كان زيد لعالما، وهذا بناء منه على أن «اللام» الداخلة بعد «إن» المخففة من الثقيلة ليست لام الابتداء وإنما هي فارقة بينها وبين «إن» النافية، واستدل على أنها ليست لام الابتداء بأن الفعل الذي قبلها يعمل في ما بعدها نحو: إن كان زيد لعالما، ولام الابتداء لا يعمل ما قبلها في ما بعدها، وإذا لم تكن لام الابتداء لم يكن للفعل الذي قبلها مانع من فتحها، فلذلك وجب أن يقال: علمت أن كان زيد لعالما، فتفتح، ولا تلزم اللام حينئذ؛ لأن دخولها إنما كان للفرق، وإذا فتحت لم تحتج إلى فرق، فوجب أن تكون هذه قسما برأسها؛ لأنها ليست بزائدة، ولا مفسرة، ولا ناصبة للفعل؛ لأنها مفتوحة مخففة من «أن» والمخففة لا تعمل في الفعل، فكذلك هذه، ولا هي أيضا المخففة من الثقيلة؛ لأن تلك إذا دخلت على الفعل كان في موضع رفع بها على أنه خبر لها، واسمها مضمر فيها، و «أن» هذه ليست بعاملة للدليل الذي ذكرناه من أنها مفتوحة من «أن» المخففة من الثقيلة وتلك -


- شعره معلقته التي مطلعها:
ألا هبي بصحنك فاصبحينا
انظر: ترجمته في الشعر والشعراء (٢٤٠ - ٢٤٢).
(١) هذا البيت من الوافر، وهو من معلقة عمرو بن كلثوم افتخارا على بني بكر.
والشاهد في قوله: «أن تشتمونا» على أن «أن» بمعنى: لئلا، والصواب أنها مصدرية على تقدير:
مخافة أن تشتمونا. والبيت من شواهد المغني (٣٦)، وأمالي المرتضى (٢/ ٤٩).
(٢) أي: أبو حيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>