للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنها: أنهم ذكروا أن «أن» الزائدة تفيد توكيد معنى الكلام التي هي فيه (١)، وزعم الزمخشري أنه ينجر مع التوكيد معنى آخر فقال (٢) في قوله تعالى: وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ (٣): دخلت «أن» في هذه القصة، ولم تدخل في قصة إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً (٤) تنبيها وتأكيدا في أن الإساءة كانت بعقب المجيء، فهي مؤكدة للاتصال واللزوم، ولا كذلك في قصة إبراهيم؛ إذ ليس الجواب فيه كالأول وجعلها الشلوبين منبهة على السبب، وأنه واقع بعقبه الإساءة، قال (٥): «لأنها تكون للسبب في قولك: جئت أن تعطيني أي: للإعطاء، فلما كانت مفعولا من أجله دخلت هناك تنبيها على أن الإساءة كانت لأجل المجيء قال (٦): وكذلك في قولهم: أما والله أن لو فعلت لفعلت، أكدت «أن» (٧) ما بعد «لو» (٨) وهو السبب في الجواب الذي غلبت عليه. انتهى.

ولم أتحقق قول الشلوبين: لأنها تكون للسبب في قولك: جئت أن تعطيني؛ -


(١) انظر: التذييل (٦/ ٦٩٤)، والمغني (ص ٣٤).
(٢) هذا الكلام ذكره الشيخ أبو حيان في التذييل (٦/ ٦٩٥)، وعبارة الزمخشري في الكشاف هكذا:
قال في الكشاف (٣/ ٣٥٦) عند تفسير قوله تعالى: وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ: «أن صلة أكدت وجود الفعلين مترتبا أحدهما على الآخر في وقتين متجاورين، لا فاصل بينهما، كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان، كأنه قيل: لما أحسّ بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث» انتهى.
والرّيث: البطء.
(٣) سورة العنكبوت: ٣٣.
(٤) هكذا وردت هذه الآية في التذييل (٦/ ٦٩٥)، وقد نقلها عنه ابن هشام في المغني (١/ ٣٤).
ولكنه علق عليها وصوبها، وقد ركب أبو حيان الآية المذكورة من آيتين، فالآية التي فيها «قالوا سلاما» ليس فيها «لما» وهي قوله تعالى في
سورة هود: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً من الآية (٦٩)، والآية التي فيها «لما» جوابها غير جواب هذه الآية، وهى قوله تعالى في سورة العنكبوت:
وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ من الآية (٣١)، فأبو حيان ركب من الآيتين آية واحدة ونسب ذلك للزمخشري الذي لم يقل ذلك كما سنقف عليه إن شاء الله تعالى.
(٥) أي: الشلوبين. انظر: التذييل (٦/ ٦٩٥)، والمغني (٣٤).
(٦) أي: الشلوبين.
(٧) بعدها في (جـ)، (أ) «أن» وهى زيادة تؤدي إلى اضطراب في العبارة.
(٨) في التذييل (٦/ ٦٩٥)، في (جـ)، (أ) «الواو» وهو خطأ، والصواب أنها «لو» كما ذكرت، وانظر: المغني (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>