للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مسبب له كقولك: ما سار زيد حتى يدخلها، تعيّن النصب على الغاية وقصد معنى: ما سار إلى أن يدخلها بل إلى ما دون ذلك؛ لأنك لو رفعته على الابتداء لكان ما بعد «حتى» الابتدائية غير محصل ولا متسبب عما قبلها وذلك لا يكون وتقول: قلما سرت حتى أدخلها بالنصب إن أردت النفي، وإن أردت بيان أنك سرت قليلا نصب على الغاية، ورفعت على الابتداء، وتقول: إنما سرت حتى أدخلها بالنصب إن أردت الغاية أو تحقير السير وجعله يسيرا لا يؤدي إلى الدخول، فإن لم ترد ذلك تعيّن الرفع.

وأجاز الأخفش (١) رفع غير الواجب وقال: ما سرت حتى أدخلها معنى الرفع فيها صحيح، إلا أن العرب لا ترفع غير الواجب، ألا ترى أنك لو قلت: ما سرت فأدخلها أي: ما كان مني سير ولا دخول، أو قلت: ما سرت فإذا أنا داخل الآن لا أمنع، كان حسنا، وغلّط (٢) في ذلك بأن الدخول في «حتى» إذا وقع إنما يقع بالسير، قال السيرافي: والذي عندي أن أبا الحسن أراد أن «ما» تدخل على:

سرت حتى أدخلها بعد وجوب الرفع فتنفي جملة الكلام، فلذلك رآه صحيحا في القياس وإن كانت العرب لا تتكلم به.

هذا آخر كلام الإمام بدر الدين رحمه الله تعالى ولا يخفى أنه كلام منقّح، محرّر، عار عن الفضول يشهد لمنشئه بصحة النظر، وثقوب (٣) الفكر، وإدراك المعاني «ومن يشابه أبه فما ظلم» (٤).

وإن أردت تلخيص ما قاله فقل: الفعل المضارع الواقع بعد «حتى» إذا كان المراد به الاستقبال حقيقة كان غير محصل، وإذا كان غير محصل لا يجوز في «حتى» الواقعة قبله أن تكون ابتدائية، بل يتعينّ كونها الجارّة.

وإذا كان المراد به الحال حقيقة تعيّن في «حتى» أن تكون ابتدائية، ولا يجوز -


(١) انظر: شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ١٢٨) (رسالة)، والتذييل (٦/ ٧١٦)، ومنهج الأخفش الأوسط (٤١٣).
(٢) المغلط له هو ابن عصفور انظر: شرح الجمل (١/ ١٦٥) تحقيق أبو جناح.
(٣) انظر: شرح التسهيل (٤/ ٥٦).
(٤) هذا مثل أورده الميداني في مجمع الأمثال (٣/ ٣١٢) والرواية فيه: «من أشبه أباه فما ظلم».

<<  <  ج: ص:  >  >>