للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثاني: كما إذا كان الدخول من شخص والسير من آخر فقلت: كنت سرت حتى يدخلها زيد، فإنك تنصب على التأويل بالمستقبل وجعل «حتى» جارة والمعنى: إلى أن يدخلها، ولا يجوز الرفع على الحال وجعل «حتى» ابتدائية؛ لأن «حتى» الابتدائية لا تخلو من معنى السببية، وسيرك لا يكون سببا لدخول غيرك، والثالث: كما إذا أردت بيان الغاية فقلت: كنت سرت حتى أدخلها؛ فتنصب على معنى: إلى أن أدخلها ولا يجوز الرفع لأن الغاية حرف جر، وحرف الجر لا يليه المبتدأ والخبر فلا يليه الفعل المرفوع.

وإن كان الماضي المعنى مسببا عما قبلها، وكان ذا محل صالح للابتداء؛ لأن المراد بيان السببية فهو مؤول بالحال فيرفع، لأن «حتى» قبل الحال حرف ابتداء بمنزلة «الفاء» وذلك قولك في كان التامة: كان سيري حتى أدخلها؛ لأنه تمّ الكلام قبل «حتى» فبقي ما بعدها جملة مستأنفة، فترفع على معنى: فأنا أدخلها؛ لأن «حتى» الابتدائية بمنزلة «الفاء» في السببية وأنها لا تقع بين العامل ومعموله، وليست بمنزلة «الفاء» في إشراك الفعل الآخر الأول إذا قلت: لم أجئ، فأقبل، لجواز مجيئها حيث لا يصح التشريك كقولك: كان سيري شديدا حتى أدخلها، ويجوز تأويله بالمستقبل وقصد معنى الغاية، فتنصب على معنى: إلى أن أدخلها، ومثله قوله تعالى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ (١) قرأه نافع بالرفع وقرأه الباقون بالنصب (٢).

واعلم أن المضارع الماضي المعنى إنما يرتفع بعد «حتى» إذا كان متسببا عما قبلها، فلهذا لا يرتفع الفعل بعد «حتى» إلا إذا كان واجبا أي: حاصلا لحصول سببه يقينا أو ظنّا، فإن الضمير ينعقد على الظن كانعقاده على العلم، وذلك قولك:

إن زيدا سار حتى يدخلها، ما سار إلا قليلا حتى يدخلها، وأظن عبد الله سار حتى يدخلها، فلك في كل هذا الرفع على الابتداء؛ لأن الدخول قد وجب بوجوب السير وتأدى به.

وإن كان الماضي المعنى بعد «حتى» غير واجب؛ لأن ما قبله غير مؤد إليه ولا -


(١) سورة البقرة: ٢١٤.
(٢) انظر: الحجة (ص ٩٥)، والكشف (١/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>