للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن وقع قبل الفعل الذي يكون سببا حرف نفي فقلت: ما سرت حتى أدخل المدينة؛ فالنصب لم يذكر سيبويه غيره، قال (١): لأن الرفع إنما يكون على معنى السبب وعدم السير لا يكون موجبا للدخول، وزعم الأخفش (٢) أن الرفع جائز لا على أن يكون عدم السير سببا هذا ما لا يقوله أحد، وإنما يكون ذلك جوابا، فإذا قال قائل: سرت فدخلت، قلت له: ما سرت فدخلت، وإذا قال: سرت فأنت داخل قلت له: ما سرت فأنا داخل الآن، وهذا حسن جدّا وينبغي أن لا يعدّ هذا خلافا بين الأخفش وسيبويه.

ثم قال (٣): فإن أدخلت في الكلام: «رأى» أو «حسب» أو «ظن» فإما أن تدخل شيئا من ذلك بعد «حتى» فيكون الحكم ما تقدم، إن كان القبلي سببا فالرفع إن كان ماضيا أو حالا، والنصب إن كان مستقبلا، وإن لم يكن الفعل القبلي سببا [٥/ ١٤٢] فالنصب على معنى: «إلى» أو «كي» (٤)، فتقول: سرت حتى أدخلها أرى أو أظن أو أحسب بالرفع والنصب على حسب المعنى، وإما أن تدخل ذلك قبل «حتى» فتقول: سرت أرى حتى أدخل المدينة، لم يتصور الرفع؛ لأنك لم تثبت سيرا يكون سببا إنما جعلته فيما ترى.

ثم ذكر (٥) أن الكوفيين خالفوا البصريين في أربع مسائل:

الأولى:

أنهم أجازوا الرفع في نحو: سرت حتى تطلع الشمس، وحكوا من كلام العرب: سرت حتى تطلع الشمس بعرفة (٦)، وردّ عليهم بأن السببية فيما حكوه موجودة؛ لأن طلوع الشمس بهذه البقعة المباركة يكون سببه جد السير لو ضعف، -


(١) انظر: الكتاب (٣/ ٢٢، ٢٣) وقال في (٣/ ٢٤): «واعلم أن الفعل إذا كان غير واجب لم يكن إلا النصب».
(٢) انظر: شرح التسهيل لبدر الدين (٤/ ٥٦)، والتذييل (٦/ ٧١٦).
(٣) أي: ابن عصفور في شرح الجمل (٢/ ١٦٦) وقد نقله بتصرف.
(٤) في شرح الجمل «إلى أن وكي».
(٥) أي ابن عصفور، انظر: شرح الجمل (٢/ ١٦٧، ١٦٨) وقد نقله عنه بتصرف.
(٦) في معاني القرآن للفراء (١/ ١٣٤) قال: «... فزعم الكسائي أنه سمع العرب تقول: سرنا حتى تطلع لنا الشمس بزبالة فرفع والفعل للشمس».

<<  <  ج: ص:  >  >>