للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فهم قد أخذوا سببا وغلطوا فيه فجعلوه غير سبب.

الثانية:

أن الفراء (١) منع النصب في ما لا يتطاول من الأفعال أي: الذي لا يمتد (٢) نحو: قمت حتى آخذ بحلقه؛ لأن المعنى: قمت فأخذت ولم يتمادّ القيام حتى لزم أن يكون قمت إلى هذه الغاية، وردّ بأن النصب هنا على معنى: «كي» (٣).

الثالثة:

أن الكسائي جوّز النصب في فعل الحال وإن كان ما قبله سببا وأجاز ذلك في قول حسان رضي الله تعالى عنه (٤):

٣٩٢٨ - يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل (٥)

وردّ ذلك بأنه لم يرد به سماع ولا يقبله القياس لأن النواصب تخلص الفعل للاستقبال.

الرابعة:

أنهم فصّلوا في غير السبب الفعل الذي بعد «حتى» إلى ما هو حادث وإلى ما ليس كذلك، فما كان حادثا فالنصب نحو: سرت حتى تطلع الشمس، وإن كان غير حادث فالرفع نحو: سرت حتى يعلم الله أني كالّ (٦)، قالوا: فلا يتصور هنا إلى أن لأن هذا لم يحدث عن سيرك فيكون غاية له، ولا يتصور معنى: «كي»؛ لأن المعنى ليس عليها، وردّ ذلك بأن علم الله تعالى أني كالّ حادث عن سيري؛ لأن الله تعالى لا يعلم أني كالّ في الحال إلا إذا كنت كالّا في الحال، فتعلق العلم هنا حادث وسببه سيرك، فلهذا كان مرفوعا لا كما قالوه، وامتنع النصب على معنى «إلى أن» لأن المعنى يبطل، ألا ترى أنك إذا قلت: سرت حتى يعلم الله أني -


(١) انظر: معاني القرآن للفراء (١/ ١٣٣).
(٢) أي: ليس له غاية ينتهي إليها. شرح الجمل (٢/ ١٣٠).
(٣) قال ابن عصفور: «كأنه قال: قمت كي آخذ بحلقه».
(٤) لم ينسبه ابن عصفور في شرح الجمل.
(٥) سبق شرحه.
والشاهد فيه هنا: نصب ما بعد «حتى» على مذهب الكسائي.
(٦) انظر: الكتاب (٣/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>