للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقول عبد الله بن الزبير (١):

٣٩٧٣ - فما تحي لا تسأم حياة وإن تمت ... فلا خير في الدّنيا ولا العيش أجمعا (٢)

وقول حاتم الطائي:

٣٩٧٤ - وإنّك مهما تعط بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذّمّ أجمعا (٣)

ولا أرى في هذه الأبيات حجة؛ لأنه كما يصح تقدير «ما» و «مهما» بظرف زمان كذلك يصح تقديرهما بالمصدر على معنى: أيّ كون قصير أو طويل تكن فينا فلا نخاف، وأيّ حياة هنية أو غير مرضية تحي لا تسأم، وأيّ عطاء قليل أو كثير تعط بطنك سؤله وفرجك نالا منتهى الذم، لكن يتعين جعل «ما» و «مهما» في الأبيات المذكورة مصدرين؛ لأن في كونهما ظرفين شذوذا وقولا بما لا يعرفه جميع النحويين، بخلاف كونهما مصدرين؛ لأنه لا مانع من أن يكنى بـ «ما» و «مهما» عن مصدر فعل الشرط، كما لا مانع من أن يكنى بهما عن المفعول به ونحوه؛ إذ لا فرق.

الضرب الثاني: أنّى وكيف، فـ «أنّى» لتعميم الأحوال وليست ظرفا؛ لأنها لا زمان ولا مكان، ولكنها تشبه الظرف؛ لأنها بمعنى: على أي حال، فلما كانت تقدر بالجار والمجرور والظرف يقدر بهما كانت بمنزلته، وقد تأتي «أنّي» بمعنى: متى، وبمعنى:

أين، وتكون استفهاما وشرطا، وإذا كانت شرطا [٥/ ١٤٩] جزمت. قال الشاعر:

٣٩٧٥ - خليليّ أنّى تأتياني تأتيا ... أخا غير ما يرضيكما لا يحاول (٤)

-


(١) عبد الله بن الزبير بن الأشيم الأسدي، من شعراء الدولة الأموية ومن المتعصبين لها، كوفي المنشأ والمنزل، كان هجّاء يخاف الناس شره، مات في خلافة عبد الملك بن مروان. انظر ترجمته في الخزانة (١/ ٣٤٥)، والأعلام (٤/ ٨٧).
(٢) هذا البيت من الطويل، واستشهد به ابن مالك على أن «ما» في قوله: «فما تحي» ظرفية مثلها في البيت السابق. وجعلها الإمام بدر الدين مصدرية. وانظر البيت في الأشموني وحاشية الصبان (٤/ ١٢).
(٣) هذا البيت من الطويل وهو في ديوان حاتم (ص ١١٤)، واستشهد به ابن مالك على أن «مهما» هنا ظرفية، وجعلها الإمام بدر الدين مصدرية ووافقه ابن هشام في المغني (ص ٣٣١)، وانظر البيت فيه وفي شرح شواهده (ص ٧٤٤)، والهمع (٢/ ٧٣)، والدرر (٢/ ٧٣)، والأشموني وحاشية الصبان (٤/ ١٢).
(٤) هذا البيت من الطويل لقائل مجهول.
الشرح: خليلي منادى حذف منه حرف النداء، أي: يا خليلي، وقوله: لا يحاول من حاولت الشيء -

<<  <  ج: ص:  >  >>