للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقول لبيد:

٣٩٧٦ - فأصبحت أنّى تأتها تشتجر بها ... كلا مركبيها تحت رجلك شاجر (١)

يخاطب رجلا وقع في قضية صعبة المخلص يقول: على أي رجال يأتي الخلاص من هذه القضية يلتبس ويختلط بها «كلا مركبيها تحت رجلك شاجر» أي: داخل تحت الرجل، وإذا دخل شيء بين شيئين فقد شجرهما.

وأما «كيف» فاسم لتعميم الأحوال، وتسمى ظرفا لتأولها بـ: على أيّ حال، والدليل على اسميتها جواز الاكتفاء بها مع صحة دخولها على الأفعال، وأكثر ما تكون استفهاما، وقد ترد شرطا في المعنى فحسب، فتعلق بين جملتين ولا تعمل شيئا حملا على الاستفهامية؛ لأنها الأصل، قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ (٢)، وقال تعالى: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ (٣) المعنى: على أي حال يشأ الإنفاق ينفق، فـ «كيف» هنا اسم شرط ولكنها لم تجزم الفعل كما لم تجزم في الاستفهام، وأجاز الكوفيون (٤) الجزم بها قياسا وأباه البصريون، قال سيبويه (٥): وسألت الخليل عن قوله: كيف تصنع أصنع. قال: هي مستكرهة وليست من حروف الجزاء، ومخرجها على الجزاء؛ لأن معناها: على أي حال تكن أكن.

الضرب الثالث: إذا، ومتى، وأيّان - بفتح الهمزة - وبنو سليم يكسرونها (٦) فيقولون: إيّان، فأما «إذا» فسيأتي

ذكرها، وأما «متى» و «أيّان» فلتعميم الأزمنة ولا يفارقان الظرفية، ويردان شرطا فيجزمان كقول طرفة: -


- أي أردته، والمعنى: لا يريد شيئا غير ما يرضيكما.
والشاهد في «أنى» حيث جاءت للشرط هنا فجزمت الفعلين «تأتياني» و «تأتيا». والبيت في شرح شذور الذهب (ص ٣٣٦)، والعيني (٤/ ٤٢٦)، والأشموني (٤/ ١١).
(١) هذا البيت من الطويل وهو للبيد ديوانه (ص ٢٢٠).
والشاهد فيه جزم «تأتها» و «تشتجر» بـ «أنى» لأنها للشرط. والبيت في الكتاب (٣/ ٥٨)، والمقتضب (٢/ ٤٧)، وابن يعيش (٤/ ١١٠)، (٧/ ٤٥) والخزانة (٣/ ١٩٠) (٤/ ١٠٩، ٢٠١).
(٢) سورة آل عمران: ٦.
(٣) سورة المائدة: ٦٤.
(٤) انظر: الإنصاف (ص ٦٤٣) المسألة رقم (٩١).
(٥) انظر: الكتاب (٣/ ٦٠).
(٦) انظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>