للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التأكيد، قالوا: لضعف الارتباط بها، وفي ذلك نظر؛ فإن «ما» تلحق «إن» و «أين» و «متى» وقوة الارتباط فيها موجودة.

ثم إن الشيخ أطال الكلام في «كيف» وقال (١): «فالامتناع من المجازاة بها على الإطلاق لا يصح لا سيما وهو موجود»، ثم ذكر الآيتين الشريفتين وهما قوله تعالى: يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ (٢)، وقوله تعالى: فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ (٣) قال (٤): وباطل أن تكون هنا استفهاما فلم يبق إلا أن تكون شرطا مؤخرا في اللفظ كما تؤخر «إن» مع الفعل إذا قلت: أقوم إن قمت، قال: فلا يصح إذن الامتناع من الجزاء بها مع هذا الشاهد الجلي، قال: ولا تكون للمجازاة على الإطلاق لاتفاق العرب والنحاة على أنه لا يجوز: كيف تجلس أقم، ولا كيف تخرج أنم إذا اختلف الفعلان، وهذا كله جائز في أين ومتى وغيرهما، فثبت أن كيف يجازى بها إذا اتفق الفعلان، وإذا اختلف الفعلان فلا يجوز المجازاة بها، ثم قال (٥) بعد ذلك كله: «وظاهر الآيتين الشريفتين وهما: قوله تعالى: يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ، وفَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ أن كيف فيهما ليست للاستفهام حقيقة، ولا يدل ذلك على أنه جوزي بها من حيث المعنى لا من حيث العمل، بل يدل ذلك على الربط، والربط أعم من أن يكون ذلك على جهة المجازاة المعنوية وغيرها، ألا ترى إلى قولك: حين تقوم أقوم لا يدل ذلك على أن «حين» للمجازاة، بل هي ظرف مختص يقع فيه الفعل المتصل بها والفعل العامل فيها، قال: وإذا ثبت أن الربط أعم من أن يكون لمجازاة أو غيرها احتمل قوله تعالى:

يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أن يكون من الربط غير الجزائي، وإذا احتمل ذلك لم يكن فيه دليل على إثبات المجازاة بكيف من حيث المعنى» انتهى.

وأقول: إذا سلم أن الربط حاصل فأي مانع يمنع من قولنا: إن كيف للمجازاة في المعنى؟ وأي محذور يمنع من ذلك؟ وقد تقدم (٦) لك ما نقله سيبويه عن -


(١) انظر التذييل (٦/ ٧٩٥).
(٢) سورة المائدة: ٦٤.
(٣) سورة الروم: ٤٨.
(٤) أي: الشيخ أبو حيان.
(٥) أي الشيخ أبو حيان، انظر التذييل (٦/ ٧٩٦).
(٦) انظر الكتاب (٣/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>