للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فجرى على الترتيب المذكور آنفا، غير أنه قدم العلم على المضمر، قال:

«وإنما ذهبت إلى تقديم العلم؛ لأنه جزئي وضعا واستعمالا، وباقي المعارف كليات وضعا، جزئيات استعمالا. فأنا مثلا لكل متكلم، وكذا أنت لكل مخاطب، وهو لكل غائب؛ فوضعت كلية وبالاستعمال تصير جزئية، وكذا اسم الإشارة وضع لكل من يشار إليه» انتهى (١).

وهذا الذي ذهب إليه الشيخ من أن المضمر وبقية المعارف غير العلم كليات وضعا - ذهب إليه بعض المتأخرين من علماء الأصول، فاستشكل كونهم جعلوا الضمير أعرف المعارف.

والحق أن المضمر جزئي وضعا؛ وذلك أن أنا مثلا وضع للمتكلم، والمتكلم حال التكلم معين. وأنت للمخاطب والمخاطب حال الخطاب معين، وكذا بقية الضمائر.

واسم الإشارة أيضا وضع للمشار إليه، وهو معين حال الإشارة إليه، فلم يوضع كل من الضمير واسم الإشارة إلا لمعين.

ثم إذا كان المضمر أعرف من بقية المعارف، فإن تعريفه في نفسه متفاوت بالنسبة إلى أنواعه، فضمير المتكلم

أعرف. قال المصنف: لأنه يدل على المراد به بنفسه، وبمشاهدة مدلوله، وبعدم صلاحيته لغيره وبتميز صوته (٢).

ثم ضمير المخاطب؛ لأنه يدل على المراد به بنفسه وبمواجهة مدلوله. ويقتضي قولهم: إن الضمير أعرف المعارف أن يلي ضمير المخاطب في الرتبة ضمير الغائب، وقد صرح ابن عصفور بذلك (٣).

لكن المصنف جعل رتبة العلم قبل رتبة ضمير الغيبة، قال: لأن العلم يدل على المراد به حاضرا وغائبا على سبيل الاختصاص.

قال الشيخ: «لا أعلم أحدا جعل العلم أعرف من ضمير الغائب إلّا المصنف» (٤).

وقيد المصنف ضمير الغائب بكونه سالما عن إبهام ومثله بقوله: زيد رأيته، قال: -


(١) انظر: التذييل والتكميل (٢/ ١١٤).
(٢) في النسخة (جـ): (وبتميز صورته) وكلاهما مفيد.
(٣) انظر شرح الجمل له (٢/ ٢٣٩) بتحقيق الشغار.
(٤) انظر: التذييل والتكميل (٢/ ١١٤) ونص ما قاله أبو حيان: لا أعلم أحدا ... إلا هذا الرجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>