للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

متعددا، والثاني: ما يعمل عملا غير متعدد، والعامل عملا متعددا لا بد في عمله من اختلاف، أن يغاير معنى معموليه ليمتاز أحدهما من الآخر، والشرط والجواب متغايران فلو كان عاملهما واحدا لوجب اختلاف عمليهما وجوب ذلك في الفاعل والمفعول، فالحكم على أداة الشرط بأنها جازمة للجواب مع أنها جزمت الشرط حكم بما لا نظير له، فوجب منعه.

ولا جائز أن يكون جزم الجواب بالأداة والشرط معا لأن كل عامل مركب من شيئين لا يجوز انفصال جزئيه ولا حذف أحدهما كـ «إذما» و «حيثما» بخلاف أداة الشرط وفعله فإن انفصالهما جائز نحو: إن زيدا تكرم يكرمك، وقد يحذف فعل الشرط دون الأداة كقوله:

٤٠٢٠ - فطلّقها فلست [لها] بكفء ... وإلّا يعل مفرقك الحسام (١)

فلو كان العمل لهما معا وجب لهما ما وجب لـ «إذ ما» و «حيثما» من عدم الإفراد والانفصال، وإذا بطل جزم الجواب بما سوى فعل الشرط تعيّن كونه مجزوما بفعله لاقتضائه إياه بما أحدثت فيه الأداة من المعنى والاستلزام، وعلى

هذا يؤول قول سيبويه: واعلم أن حروف الجزاء تجزم الأفعال ويجزم الجواب بما قبله (٢)، لأن ترك تأويله يقتضي أن يكون للفاعل والمفعول حظ في جزم الجواب وذلك لا يصح اتفاقا وقد دل الدليل على أن جزم الجواب ليس بالأداة والشرط معا، ولا بالأداة وحدها فلم يبق ما يحمل عليه قول سيبويه إلا فعل الشرط وحده، وبهذا الجواب يسلم من ترجيح الاسم على الفعل في العمل مع أصالته وفرعية الاسم، وذلك أن الاسم قد عمل في جنسه نحو: هذا ضارب زيدا، وفي غير جنسه نحو: من يكرمني أكرمه، فلو لم يكن جزم الجواب بفعل الشرط لزم كون الفعل مقصور العمل على غير جنسه وذلك انحطاط أصل عن رتبة فرع، فإذا كان جزم الجواب بفعل الشرط -


(١) هذا البيت من الوافر وهو للأحوص في ديوانه (ص ١٨٤).
الشرح: الخطاب في قوله فطلقها لمطر في البيت قبله والضمير لامرأته وكانت جميلة وكان مطر دميم الخلقة فأمره بطلاقها لأنه ليس كفأ لها، والمفرق وسط الرأس، والحسام السيف، والشاهد فيه حذف فعل الشرط وبقاء الأداة والتقدير وإن لا تطلقها يعل ... ، والبيت في الإنصاف (١/ ٧٢) والتذييل (٦/ ٨٣٤)، والمغني (ص ٦٤٧) وشرح شذور الذهب (ص ٣٤٣)، والعيني (٤/ ٤٣٥).
(٢) انظر الكتاب (٣/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>