للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شيخ، ولا ذكر هو من اشتغل عليه بهذا الفن، واستمر في كلام يشبه ذلك ثم قال (١):

وقال لي قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الحموي (٢)، وكان ممن قرأ على المصنف، وقد جرى ذكرا ابن مالك واستدلاله بما أشرنا إليه قال (٣): قلت له: يا سيدي هذا الحديث روته الأعاجم، ووقع فيه بروايتهم ما نعلم أنه ليس من لفظ الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فلم يجب بشيء، قال (٤): وإنما أمعنت الكلام في هذا المسألة لئلا مبتدئ: ما بال النحويين يستدلون بقول العرب وفيهم المسلم والكافر، ولا يستدلّون بما ورد في الحديث بنقل العدول كالبخاري (٥) ومسلم (٦) وأضرابهما، فإذا طالع ما ذكرناه أدرك السبب الذي لأجله لم يستدل النحاة بالحديث» انتهى.

وأقول: أما إنكاره على المصنف الاستدلال بما ورد من الأحاديث الشريفة معتلّا لذلك بأن الرواة جوّزوا النقل بالمعنى، فيقال فيه: لا شك أن الأصل في المروي أن يروى باللفظ الذي سمع من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والرواية بالمعنى وإن جازت فإنما تكون في بعض كلمات الحديث المحتمل لتغيير اللفظ بلفظ آخر يوافقه معنى، إذ

لو جوّزنا ذلك في كل ما يروى لارتفع الوثوق عن جميع الأحاديث بأنها هي بلفظ الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهذا أمر لا يجوز توهمه فضلا عن أن يعتقد وقوعه، ثم إن المصنف إذا استدلّ على مسألة بحديث لا يقتصر على ما في الحديث الشريف، بل يستدل بكلام العرب من نثر ونظم يردف ذلك بما في الحديث إما تقوية لما ذكره من كلام العرب وإما استدلالا على أن المستدل عليه لا يختصّ جوازه بالشّعر، بل إنه يجوز في الاختيار أيضا، ولا يخفى عن البيب أن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعمر رضي الله تعالى عنه في ابن -


(١) أي الشيخ أبو حيان. انظر التذييل (٦/ ٩٠٣).
(٢) قاض من العلماء بالحديث وسائر علوم الدين، ولد في حماة وولي الحكم والخطابة بالقدس ثم القضاء بمصر فقضاء الشام، ثم قضاء مصر إلى أن شاخ وعمي، وتوفى بمصر سنة (٧٣٣ هـ)، وله تصانيف منها: «المنهل الروي في الحديث النبوي» انظر ترجمته في النجوم الزاهرة (٩/ ٢٨٩)، وفوات الوفيات (٣/ ٢٩٧، ٢٩٨).
(٣) أي قاضي القضأة أبو عبد الله بن جماعة.
(٤) أي الشيخ أبو حيان. التذييل (٦/ ٩٠٣).
(٥) هو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي، ولد ببخارى سنة (١٩٤ هـ) وتوفى بها سنة (٢٥٦ هـ). انظر مقدمة صحيح البخاري بحاشية السندي (١/ ٣).
(٦) هو الإمام أبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم النيسابوري. ولد سنة (٢٠٦ هـ) وتوفي سنة (٢٦١ هـ). انظر مقدمة صحيح مسلم بشرح النووي والأعلام (٧/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>