للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يبلغ الإمامة في شيء منها.

قال (١): وقد نظمت أبياتا في شأن من يقرأ بنفسه ويأخذ العلم من الصحف بفهمه وهي:

يظنّ الغمر أنّ الكتب تهدي ... أخا فهم لإدراك العلوم (٢)

وما يدري الجهول بأنّ فيها ... غوامض حيّرت عقل الفهيم

إذا رمت العلوم بغير شيخ ... ضللت عن الصّراط المستقيم

وتلتبس الأمور عليك حتّى ... تصير أضلّ من توما الحكيم (٣)

أشرت إلى قول بعضهم:

قال حمار الحكيم توما ... لو أنصفوني لكنت أركب

لأنّني جاهل بسيط ... راكبي جاهل مركّب

قال (٤): وكان بعض من تولي قضاء القضاة بديار مصر من أهل الصعيد الأعلى يقول: هذا كتاب سيبويه فيه

عجمة ونكادة لفظ، قال (٥): وما ذلك إلا لكونه لم يقرأ النحو أو قرأ منه نزرا يسيرا على مبتدئ في النحو، هذا وما كان مدفوعا عن فطنة وذكاء وإعمال فكر وإكداده وبعض إنصاف رحمه الله تعالى.

وأما هذا المصنف الذي كمّلنا شرح كتابه فإنه كان رجلا صالحا مغتنيا بهذا الفن النحوي، كثير المطالعة لكتبه، منفردا بنفسه، لا يحتمل أن ينازع ولا يجادل، ولا يباحث، ونظم في هذا الفن كثيرا، ونثر، جمع باعتكافه على الاشتغال بهذا الفن والشّغل به وبمراجعة الكتب ومطالعة الدواوين الغريبة، وطول السن من هذا العلم غرائب، وحوت مصنفاته منها نوادر وعجائب، ومنها كثيرا ستخرجه من أشعار العرب وكتب اللغة، ولم يكن ممن لازم في هذا الفن إماما مشتهرا به، ولا يعلم له فيه -


(١) أي الشيخ أبو حيان. انظر التذييل (٦/ ٩٠١).
(٢) الغمر والغمر والغمر والغمر: الذي لم يجرب الأمور. انظر اللسان (غمر).
(٣) «توما الحكيم» كان طبيبا بالعراق هجاه بعض العراقيين بما أورده أبو حيان من البيتين التاليين فصار قوله يضرب مثلا في الجهل.
(٤) أي الشيخ أبو حيان. انظر التذييل (٦/ ٩٠٢).
(٥) أي الشيخ أبو حيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>