للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأقول: إن قول المصنف «فهي ظرف أو حرف» معناه: فهي ظرف عند من يرى ظرفيتها، وهي حرف عند من يرى حرفيتها، ومراده أنها لا تخرج عند النحاة عن القسمين، وكيف يتصور لقائل باسمية كلمة أن يجيز القول بحرفيتها؟ أو لمن يقول بالحرفية كيف يجيز الاسمية؟ وإذا كان كذلك انتفى الترديد وأما قوله: إنها تقتضي وجوبا لوجوب، فليس المراد بالوجوب ما يقابل الامتناع فيتوجه عليه ما قاله الشيخ بل المراد به: وجود شيء لشيء أو وقوع شيء لشيء، فـ «لمّا» تدل على أن المذكور ثانيا حصل بحصول المذكور أولا، وهذا أعم من أن يتفق الأول والثاني في الإثبات أو النفي أو يختلفا.

ومنها: أن الشيخ قال (١): «ما استدلوا به لمذهب سيبويه: - يعني على حرفية لمّا - من قوله تعالى: وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا (٢) لا دليل لهم فيه، لأنهم أخذوا قوله تعالى: لَمَّا ظَلَمُوا على ابتداء الظلم، فجعلوا بين الظلم والإهلاك زمانا غير زمانهما وهو زمان الإنذار، ولا يتعيّن حمل قوله تعالى: لَمَّا ظَلَمُوا لما ابتدأو الظلم، بل يصدق أنهم أهلكوا حين الظلم، لأن حين الظلم متسع لابتدائه ولغير ابتدائه، ألا ترى أنهم كانوا ظالمين وقت الإهلاك لم يخرجوا عن الظلم، فالإهلاك وقع وقت التباسهم بالظلم» انتهى.

ولك أن تقول: لا بد أن يتقدم الظلم منهم على إهلاكهم لأن الله سبحانه لا يؤاخذ بغير ذنب، فلا بد من تقدم وجود الظلم، ثم إذا أهلكوا وهم مستمرون في الظلم فلا بد أن يكون الإهلاك بسبب ظلم متقدم وإن انضم إليه ظلم آخر، ومقتضى ما قرره الشيخ أن الإهلاك إنما بسبب الظلم المتلبّسين هم به وقت إهلاكهم، وهو غير مسلّم.

ثم قال (٣): «وقد ذكرت الاستدلال على صحة مذهب سيبويه في كتابنا المسمى [٥/ ١٨٦] بـ «النكت الحسان في شرح غاية الإحسان» بوجهين (٤) -


(١) انظر التذييل (٦/ ٩٦٢) وقد نقله عنه بتصرف.
(٢) سورة الكهف: ٥٩.
(٣) انظر التذييل (٦/ ٩٦٣).
(٤) الحق أنه استدل على ذلك بثلاثة أوجه لا بوجهين. انظر النكت الحسان (ص ٢٩٨) تحقيق:
د/ عبد الحسين الفتلي (بغداد).

<<  <  ج: ص:  >  >>