للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يدل منها، ولا يجاب إلا بصفة نكرة، فيجب أن تكون عامة لجميع أحوال الموصوف حتى يصح أن يجاب ببعضها، ولذلك تسمى: اسم استفهام عن الحال، وقيل: معناها: على أيّ حال؟ فتسمى ظرفا لأنها في تأويل جار ومجرور، كما أن الظرف في تأويل جار ومجرور، ولا شك في صحة تقدير: على أيّ حال؟ مكان «كيف». وأن قولك: كيف زيد؟ في معنى: على أيّ حال زيد؟ ولكن ليس ذلك لأن «كيف» موضوعة لذلك المعنى، بل لأن معناها راجع إليه بنوع من اللزوم، ويدل على ذلك أمران:

أحدهما: أنه كما يصح تقدير: على أي حال؟ مكان «كيف» كذلك يصح تقدير وصف مجرد من حرف جر مكانها، فيجوز أن تأتي بدل «كيف» من نحو:

كيف أنت؟ بـ «أقائم» وشبهه، فتقول: أقائم أنت أم غير قائم؟ فيفيد بذلك ما يفيده: كيف أنت؟ فيجب أن تكون حقيقة

في الاستفهام عن الحال، لأن كونها ظرفا يستلزم لكثرة التضمين ولتقدير الاستقرار، وكلاهما على خلاف الأصل.

الثاني: أن البدل من «كيف» إما منصوب نحو: كيف سرت أراكبا أم ماشيا؟

وإما مرفوع نحو: كيف زيد أصحيح أم سقيم؟ ولو كانت ظرفا لما كان البدل [٥/ ١٨٧] منها إلا مجرورا بمثل ما تضمنته، فكان يجب أن يقال: كيف سرت أعلى ركوب أم على مشي؟ وكيف زيد أعلى صحة أم على سقم؟ كما يجب أن يقال: أين كنت أفي الدار أم في المسجد؟ فلما لم يجب أن يقال ذلك بل أبدلوا منها بدون حرف جر علم أنها ليست ظرفا.

ول «كيف» صدر الكلام كغيرها من أدوات الاستفهام، ولا تخرج في الاستعمال عن أن تكون في موضع نصب على الحال، أو خبر مبتدأ في الحال أو الأصل إلا ما شذ من نحو جرها بـ «على» في قول بعضهم: على كيف تبيع الأحمرين؟ فإذا وقعت «كيف» قبل كلام تام مستغن عنها كانت في موضع نصب على الحال؛ لأنها في تأويل صفة نكرة متقدمة على موصوفها، والصفة المتقدمة على الموصوف لا يجوز أن تكون نعتا له؛ لأن النعت تابع فلا يتقدم على المتبوع، بل يجب فيها أحد أمرين: إما أن تجعل حالا من الموصوف، وإنما أن تقام مقامه ويجعل هو بدلا منها، فلم يجز في «كيف» أن تقام مقام الموصوف؛ لأنها في تأويل صفة نكرة، -

<<  <  ج: ص:  >  >>