للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والصفة النكرة يقبح فيها ذلك، فوجب أن تكون حالا، ولذلك يبدل منها ويجاب بالنصب تقول: كيف سار زيد أراكبا أم ماشيا؟ ويقال: كيف جئت؟ فتقول:

مسرعا بالنصب لا غير، لأن البدل من الحال حال، والحال لا تكون إلا منصوبة.

وإذا وقعت «كيف» قبل ما لم يتم كلاما كانت خبرا مقدما وما بعدها مخبر عنه، لأنه لا يجوز أن تكون ملغاة؛ لأنه قد حصلت بها الفائدة وتم بها الكلام، ولا يجوز أن تكون هي المخبر عنه وما بعدها الخبر؛ لأنها في تأويل صفة نكرة فيقبح جعلها اسما مخبرا عنه بما بعده، فوجب أن تكون خبرا مقدما في موضع رفع إن عدمت نواسخ الابتداء، ولذلك يبدل منها ويجاب بالرفع نحو: كيف زيد أفارغ أم مشغول؟ وإن وجدت نواسخ الابتداء فهي في موضع نصب خبرا قبل «كان» أو إحدى أخواتها، ومفعولا ثانيا قبل «ظن» أو إحدى أخواتها، ولذلك يبدل منها ويجاب بالنصب نحو: كيف كان زيد أصحيحا أم سقيما؟ وكيف رأيت عمرا أشاعرا أم فقيها؟ وقد تقدم الكلام على المجازاة بها؛ فلا حاجة إلى إعادته» انتهى كلامه (١) رحمه الله تعالى، وهو من حر الكلام وخالصه ومستغنى به عن غيره.

ووقع لابن عصفور (٢) في «كيف» خبط، وقد أورد الشيخ في شرحه (٣) عن المغاربة كابن عصفور وابن هشام (٤) وابن الضائع وغيرهم مما لا يتحصل منه طائل، فأضربت عن إيراده، إذ فيما ذكره المصنف وابنه مقنع، في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل.

وإذا علم أن دخول حرف الجر على «كيف» شاذّ نادر (٥) وجب أن لا تكون «كيف» من قوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (٦) بدلا من «الإبل» وإن كانت «إلى» قد دخلت عليها في قولهم: انظر إلى كيف تصنع؟

لأن ذلك إن ثبت عن عربي فهو في غاية الندور غير معتد به، ولأن «إلى» متعلقة بكلمة «ينظرون» والعامل في البدل هو العامل في المبدل منه، فيلزم كون العامل في الاستفهام متقدما عليه، بل «كيف» منصوبة على الحال والعامل «خلقت» وقد -


(١) انظر شرح التسهيل: (٤/ ١٠٦).
(٢) انظر شرح الجمل (٢/ ١٩٦) تحقيق أبو جناح.
(٣) انظر التذييل.
(٤) أي الخضراوي صاحب الإفصاح.
(٥) انظر التذييل، والمغني (ص ٢٠٧).
(٦) سورة الغاشية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>