للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أيضا، وبين الحرفين المذكورين اشتراك في شيء وافتراق في شيء أردف ذلك بذكر «الهمزة» مشيرا إلى ما بينهما من الاتفاق والاختلاف، قال الإمام بدر الدين (١):

«للاستفهام حرفان: الهمزة وهل، فالهمزة يستفهم بها عن التصديق كقولك:

أزيد قائم؟ وأقام عمرو؟ وعن التصور لطلب التعيين كقولك: أزيد قام؟ وأعمرا كلمت؟ وتدخل على النفي لتقرير أو توبيخ أو تمنّ أو نحو ذلك كما سبق التنبيه عليه في باب «لا لنفي الجنس».

وأما هل فيستفهم بها من التصديق الموجب لا غير، ولذلك قبح: هل زيد قام؟

وهل عمرا ضربت؟ وامتنع هل زيد قائم أم عمرو؟ وإلى كون هل للاستفهام عن التصديق الموجب الإشارة بقوله: وتساوي همزة الاستفهام في ما لم يصحب نافيا ولم يطلب به تعيين، وكثيرا ما يعدّى الاستفهام عن أصله فيؤتى به في مقام الإنكار والجحد فيجري مجرى النفي، ومما جاء من ذلك بالهمزة قوله تعالى: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ (٢) وبهل قوله تعالى: وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (٣) وبمتى كقولهم في مقام الجحد: متى قلت هذا؟ وبأين نحو ما حكى الكسائي (٤): أين كنت لتنجو منّي؟ أي: ما كنت لتنجو مني أي: ما كنت لتنجو مني، وبكيف كقراءة عبد الله (٥): كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله (٦)، وقد جاء ذلك بمن مقرونة بالواو، وبعدها «إلا» في الغالب لقصد الإيجاب كقوله تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ (٧) المعنى: وما يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه، ومثله قوله تعالى: قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (٨) وقد يجيء بأيّ فيعطف على ما في حيزها بـ «ولا» كقول الشاعر: -


(١) انظر شرح التسهيل لبدر الدين (٤/ ١٠٩ - ١١١٢).
(٢) سورة الزخرف: ٣٢.
(٣) سورة سبأ: ١٧.
(٤) انظر معاني الفراء (١/ ١٦٤، ٤٢٤).
(٥) انظر معاني الفراء (١/ ٤٢٣) ومختصر ابن خالويه (ص ٥٢).
(٦) سورة التوبة: ٧.
(٧) سورة البقرة: ١٣٠.
(٨) سورة الحجر: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>