للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النفي والسؤال عنه تصديق للنفي، هكذا ذكروا، ولم أتحقق أنها تكون بعد السؤال للتصديق؛ لأن الذي يقبل التصديق إنما هو الخبر لا الإنشاء، وقد قيل (١): إن سيبويه كأنه رأى أنه إذا قيل: هل قام زيد؟ فقيل: نعم، فهو لتصديق ما بعد الاستفهام، ولم أتحقق هذا القول، ولا شك أنها في مثل ذلك للإعلام، فالحق ما ذكره المصنف أنها: إما لتصديق مخبر أو إعلام مستخبر أو وعد طالب.

وأما «بلى» فقد قال المصنف: إنها لإثبات نفي مجرد أو مقرون باستفهام، فإذا قال القائل: ما قام زيد وأردت تصديقه قلت: نعم، أو أردت تكذيبه قلت: بلى، وكذلك أيضا تثبت النفي المقرون بأداة الاستفهام فإذا قال القائل: أليس زيد بعالم؟

وأردت تصديقه، قلت: نعم؛ أو أردت تكذيبه، قلت: بلى، ولو قال المصنف «وبلى لإثبات منفي» كان أولى من قوله: لإثبات نفي؛ لأنه قد يفهم منه أن المراد:

إثبات النفي نفسه وليس كذلك.

ثم إنهم قالوا: وسواء أردت الاستفهام عن حقيقة النفي، أو أردت التقرير وإن كان معناه الإيجاب، قالوا: لأن العرب تجريه في باب الجواب مجرى النفي المحض.

والدليل على ذلك قوله تعالى: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى (٢) ومن ثمّ قال ابن عباس رضي الله عنهما ولو قالوا: نعم في الجواب كفروا (٣).

ملخص ما ذكروه (٤): أنه إذا قيل: قام زيد، فتصديقه: نعم، وتكذيبه: «لا»، ويمتنع دخول «بلى» لأنها إنما يجاب بها بعد النفي، وإذا قيل: ما قام زيد، فتصديقه: نعم، وتكذيبه: بلى، قال الله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى (٥) ويمتنع دخول «لا» لأنها لنفي الإثبات لا لنفي النفي، وإذا قيل: أقام زيد؟ فهو مثل: قام زيد، فتقول: نعم، إن أثبتّ القيام، وتقول: لا، إن نفيته، ويمتنع دخول «بلى» لما عرفت، وإذا قيل: ألم يقم زيد؟ فهو مثل: لم يقم زيد، فتقول: بلى إن أثبت القيام، ويمتنع دخول «لا»، وتقول: نعم إن نفيته.

فالحاصل: أن «بلى» لا تأتي إلا بعد نفي، وأن «لا» لا تأتي إلا بعد إيجاب، -


(١) انظر المغني (ص ٣٤٥).
(٢) سورة الأعراف: ١٧٢.
(٣) انظر شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٤٨٥)، ودرة الغواص للحريري (ص ٢٦١).
(٤) انظر هذا الكلام في المغني (ص ٣٤٦).
(٥) سورة التغابن: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>