للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأن «نعم» تأتي بعدهما، واعلم أن ابن عصفور قد أجاز وقوع «نعم» في جواب النفي المصاحب لأداة الاستفهام المراد به إيجاب النفي معللا ذلك بأن: التقرير إيجاب في المعنى، وأنا أورد كلامه في ذلك بجملته، قال في المقرب (١): فنعم تكون عدة في جواب الاستفهام والأمر، وتكون تصديقا للخبر نحو قولك لمن قال:

قام زيد، وما قام زيد: نعم، تصدقه في إثبات القيام لزيد أو نفيه عنه، وبلى تكون جوابا للنفي خاصة إلا أن معناها أبدا إيجاب المنفي مقرونا كان النفي بأداة الاستفهام أو غير مقرون بها، نحو قولك في جواب من قال: ما قام زيد، وألم يقم عمرو؟:

بلى قد قام، ولو قلت: نعم، كنت محققا للنفي كأنك قلت: نعم لم يقم، وقد تقع نعم في جواب النفي المصاحب لأداة الاستفهام والمراد به إيجاب المنفي إذا أمن اللبس، وذلك بالنظر إلى المعنى؛ لأن التقرير في المعنى إيجاب، ألا ترى أنك إذا قلت: ألم يقم زيد؟ فإنما تريد أن تثبت للمخاطب قيام زيد، ومن ذلك قوله:

٤١٥٤ - أليس اللّيل يجمع أمّ عمرو ... وإيّانا فذاك بنا تداني

نعم وترى الهلال كما أراه ... ويعلوها النّهار كما علاني (٢)

انتهى.

والذي ذكره من أن التقرير في المعنى إيجاب فيجوز أن يجاب الكلام الذي يتضمنه بكلمة «بلى» هو الظاهر، ومما يدل على ذلك أيضا قول [٥/ ١٩٧] الأنصار للنبي صلّى الله عليه وسلّم وقد قال لهم: «ألستم ترون لهم ذلك؟» نعم (٣)، غير أن قوله: إن نعم تكون عدة في جواب الاستفهام، غير ظاهر.

وقد تكلم الشيخ بهاء الدين بن النحاس - رحمه الله تعالى - على هذا الموضع، فقال (٤): -


(١) انظر المقرب (١/ ٢٩٤، ٢٩٥).
(٢) البيتان من الوافر، وهما لجحدر بن مالك اللص. والشاهد فيه: وقوع «نعم» في جواب النفي المصاحب لأداة الاستفهام والمراد به إيجاب المنفي، فكأنه قيل: إن الليل يجمع أم عمرو وإيانا، نعم، فإن الهمزة إذا دخلت على النافي تكون لمحض التقرير. والبيتان في الشعر والشعراء (ص ٤٤٩) منسوبين للمعلوط، وشرح الجمل لابن عصفور (رسالة) (٢/ ٤٨٥)، والمغني (ص ٣٤٧)، وشرح شواهده (ص ٤٠٨).
(٣) انظر المغني (ص ٣٤٧).
(٤) انظر التعليقة ورقة (١٢٥) وهي تعليقات ابن النحاس على مقرب ابن عصفور (مكتبة الأزهر).

<<  <  ج: ص:  >  >>