للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثال «لدن» قولك: ما رأيته من لد الصّباح، وحذف النون من لدن هو الكثير، وربما ثبتت، وكسرت للباب لالتقاء الساكنين، كقول الشاعر:

٤٢٠٨ - تنهض الرّعدة في ظهيري ... من لدن الظّهر إلى العصير (١)

وعن هذا احتراز المصنف بقوله: غالبا، ولولا أن نون التوكيد لا يجوز إقرارها، لجاز أن يرجع بقوله: غالبا إلى جميع ما ذكر قبله لثبوت: إي الله، وهالله، ثم هاهنا تنبيهان: أحدها: يدخل أيضا تحت قول المصنف: حذف الأول إن كان ممدودا، نحو: أتخشين يا امرأة، ونحو: ارمي، واغزوا، ونحو: ارمنّ واغزنّ؛ لأن الأصل في الأول: أتخشين، قلبت الياء التي هي لام الكلمة ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها مع ياء الضمير، فحذفت لالتقاء الساكنين، وارمى [٦/ ٥٢] يا امرأة، أصله: ارمي، فسكنت الياء التي هي لام الكلمة استثقالا لكسرتها بعد كسرة على الأصل المطّرد، فالتقت مع ياء الضمير، فحذفت لالتقاء الساكنين، واغزوا أصله:

اعزووا، وهو في الواو مثل: ارمي في الياء، وارمنّ أصله: ارمينّ يا امرأة استثقلت الكسرة على الياء بعد الكسرة فسكنت وحذفت لالتقائها مع النون الساكنة بعدها.

ثانيها: أن الساكن الثاني في مثل ذلك إذا حرّك قد تكون حركته عارضة فلا يعتد بها فلا يرد الساكن الأول، وقد تكون حركته غير عارضة، فيلزم الاعتداد بها وحينئذ يرد الساكن الأول الذي كان قد حذف، فمثال ما لحركة فيه عارضة، قولك: خف الله، واخشوا الله، واخشي الله، واخشونّ، واخشينّ، وذلك أن الحركة في الأمثلة المذكورة إنّما أتي بها في نحو: خف الله من أجل الساكن بعدها، والساكن في كلمة أخرى، وذلك غير لازم فمن ثم لم يعتد بها، وكذلك الحركة في واو: اخشوا الله، وأما اخشونّ واخشينّ، فلأن نون التوكيد محكوم لها في المثالين بحكم الانفصال من أجل أنها جاءت بعد ضمير بارز، ومثال ما الحركة فيه غير عارضة: خافا، وخافوا؛ وذلك لأن

الحركة فيه كالأصلية لاتصال ما بعدها -


(١) رجز قال العيني (٣/ ٤٢٩): أقول قائله راجز من رجّاز طيّئ، لم أقف على اسمه ولم ينسبه السيوطي في الهمع، ولا الشنقيطي في الدرر، والرعدة: النّافض يكون من الفزع وغيره، وظهيرى:
تصغير ظهر، يعني يقوم على الارتعاد من عند الظهر إلى العصر.
والشاهد في: من لدن حيث ثبتت نون لدن وكسرت، فجاءت لدن معربة وهي لغة قيس. وانظر الهمع (١/ ٢١٥)، والدرر للشنقيطي (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>