للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

طاع الرجل بمعنى: انقاد وتذلّل، فلا يبعد أن يكون من كلامهم أطاع غيره بمعنى صيّره منقادا نقلا من أطاع؛ لا أنه الذي بمعناه؛ إذ لا يمنع القياس نقل هذا الضرب من الفعل وإذا كان كذلك فقد آل معنى أطاع إلى معنى استطاع؛ لأن معنى الاستقرار قد دخله من حيث إن القائل: أطعت بمعنى صيّرت غيري منقادا إليّ - كأنه قال: قدرت وأسطعت، فيكون سيبويه إنما جعل أسطاع من أطاع للالتقاء الذي بينهما في المعنى؛ لأن كل لفظة منهما عين [٦/ ١٢٥] الأخرى، وهذا لا بأس به وقد ارتضاه ابن الضائع، وأما الأستاذ أبو علي فتوقف وقال: إن ثبت عن العرب نقل ذلك فلا ينبغي أن ينكر هذا الوجه، وإن لم يثبت فالأمر مشكل؛ لأن ما ثبت من قولهم: أطاع بالهمز إنما هو بمعنى: انقاد مثل طاع من غير فرق، ولم يكن لينكر قياس النقل في ذلك، وإنما توقف لعزة وجود السماع وهذا الموضع من مشكلات الكتاب (١). انتهى.

والذي يظهر في الجواب عن الاعتراض الثاني أن يقال: لا نسلم أن معنى أسطاع: قدر، بل معناه معنى أطاع وهو: انقاد؛ لأن أسطاع إنما هو أطاع، وزيدت فيه السين، وأما أسطاع الذي بمعنى قدر؛ فإنما هو استطاع الذي حذفت

منه التاء ثم فتحت الهمزة كما قال الفراء، ولعل هذا هو معنى الجواب الذي ذكره ابن عصفور (٢)، وإذا كان كذلك فلا إشكال إلا أن يمنع ما ذكره الفراء من فتح الهمزة وثبت عن العرب أن أسطاع بالفتح بمعنى قدر (٣)، فلا يتم حينئذ هذا الجواب، واعلم أن المصنف قد ذكر في إيجاز التعريف كلمة أخرى يمكن القول بزيادة السين فيها، فقال: ولمدّع أن يدعي زيادتها في: ضغبوس، وهو الصغير من القثّاء (٤)، ويستدل بقول العرب: ضغبت المرأة، إذا اشتهت الضغابيس (٥)؛ فأسقطوا السين في الاشتقاق. -


(١) التذييل (٦/ ١٢٢ أ، ب).
(٢) انظر: الممتع (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦).
(٣) والاستطاعة: القدرة على الشيء وقيل: هي استفعال من الطاعة، قال الأزهري: والعرب تحذف التاء فتقول: اسطاع يسطيع. اللسان «طوع».
(٤) وأرض مضغبة: كثيرة الضغابيس، وهي صغار القثاء. اللسان «ضغب».
(٥) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>