للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إبدالا، وهي التاء والطاء والدال والميم. وقد تقدم لنا أن المصنف ذكر الثلاثة الأول في فصل، وهذا هو الفصل الذي ذكرها فيه، وأما الميم فسيذكرها في الفصل الذي قلنا: إنه ذكرها ضمنه، وحاصل الأمر: أن التاء تبدل من فاء الافتعال (١) إذا كانت واوا أو ياء، وأن الدال والطاء تبدل كل منهما من تاء الافتعال، فالدال تبدل منها بعد الدال والذال والزاي، والطاء تبدل منها بعد الطاء والظاء والصاد والضاد. وقد ذكر أن الثاء تبدل منها أيضا بعد الثاء، وقد أورد المصنف هذه المسائل في إيجاز التعريف إيرادا حسنا مشتملا على فوائد وتعاليل، أعتقد أنها مستخرجة من خاطره - رحمه الله تعالى وجزاه أحسن الجزاء بمنّه وكرمه - فأنا أورد كلامه فيه أوّلا ثم أعود إلى ألفاظ الكتاب. قال - رحمه الله تعالى -: يجب في اللغة الفصيحة إبدال التاء من فاء الافتعال وفروعه إن كانت واوا نحو: اتّصل اتصالا فهو متّصل، أو ياء نحو: اتّسر اتّسارا فهو متّسر (٢). أما إبدالها من الواو، فلأنهم استثقلوا الواو أولا دون تاء تليها لتعرضها؛ لأن تبدل همزة، كما فعل بأحد وإحدى، وأقتت مع استثقال الهمزة وبعدها منها مخرجا ووصفا، فحاولوا إبدال الواو حرفا صحيحا يقاربها وصفا ومخرجا، وذلك إما: من حروف الشفة، أو حروف الثنايا، فلم يكن ياء ولا فاء ولا تاء ولا دالا ولا ظاء؛ لأنهن لسن من حروف البدل المجموعة في قولي: وجدا من طيبه. ولم يكن ميما؛ لأنها تكثر زيادتها أولا فخيف توهما مزيدة غير مبدلة، ولم تكن طاء ولا دالا؛ لأن فيهما قلقلة يستثقلان بها، فتعينت التاء، فقالوا: تراث وتجاه وتكأة وتقوى وتوراة وتالله ولحمه وتولج وغير ذلك، فلما ثبت

إبدال التاء من الواو في هذه المواضع وأشباهها مع انتفاء تعذر التصحيح وتطرق التغيير قبل الإبدال واجتماعها مع ما يضاد وصفه وصفها، واستلزام مخالفة بعض الفروع الأصل، تعين إبدالها منها في الافتعال الذي فاؤه واو لثبوت هذه الأمور كلها فيها، أما تعذر التصحيح فبين؛ لأن الواو ساكنة وقبلها كسرة. وأما تطرق التعيين فبين أيضا؛ لأن فعل أصل لافتعل، فلو لم يكن فيه تغيير إلا تسكين، فإنه يكفي في تطرق التغيير وأما اجتماع الواو مع -


(١) انظر: الكتاب (٢/ ٣٥٧)، والممتع (١/ ٣٨٧)، والمقتضب (١/ ٢٢٩، ٢٣٠)، والتكملة (ص ٢٤٨).
(٢) انظر: ابن الناظم على الألفية (ص ٨٦٥)، والممتع (١/ ٣٨٧)، والأشموني (٤/ ٣٢٩)، وتوضيح المقاصد (٦/ ٧٧)، وشرح الكافية (٤/ ٢١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>