للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما يضاد وصفه وصفها فبين أيضا؛ لأن الواو مجهورة والتاء مهموسة. وأما استلزام مخالفة بعض الفروع الأصول فبين أيضا؛ لأن المصدر أصل للفعل، ولاسم الفاعل ولاسم المفعول، فلو لم تبدل فاء الاتصال تاء لقيل فيه: ايتصال بقلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وكان يوافقه في ذلك الفعل الماضي والأمر؛ لوجدان الكسرة، فيقال: ايتصل وايتصل، ويخالفه المضارع واسم الفاعل والمفعول لعدم الكسرة، فيقال: يوتصل أو موتصل وموتصل إليه، فكرهوا المخالفة حين أمكن التخلص منها ولم يبالوا بها في نحو: أوجد إيجادا؛ إذ ليس بعد الواو هنا ما يضاد وصفه وصفها، ومع هذا فقد حملتهم النفرة عن هذه المخالفة على أن أبدلوا في:

أثلجه وأتكأه بمعنى: أولجه وأوكأه (١). وأما إبدال التاء من الياء إذا كانت فاء في الافتعال وفروعه؛ فحمل على الافتعال الذي فاؤه واو، فإن كانت الواو والياء التي قبل تاء الافتعال بدلا من همزة لم يجز إبدالها تاء إلا على لغة رديئة نحو: اتّمن في أوتمن، واتّزر في: ايتزر (٢)، هذا ما أورده في فصل، ثم افتتح الكلام في فصل يليه، فقال: الثاء حرف رخو والتاء حرف شديد وهما مشتركان في الهمس، ومخرجاهما متقاربان، فإذا اجتمعا في الافتعال وفروعه وتقدمت التاء ثقل تلاقيهما؛ لأنهما مثلان من وجه وضدان من وجه فخففا بجعل التاء ثاء والثاء تاء وإدغام أحدهما في الآخر كالاثّراد، والاتّراد وهو اتخاذ الثريد، وأصله: اثتراد، غلب جانب الثاء لأصالتها (٣) وتقدمها. ومن قال: اتّراد غلب جانب التاء لشدتها ولكونها مزيدة لمعنى. فلو كان فاء الافتعال دالا كالافتعال من الذكر ثقل أيضا اجتماعهما سالمين؛ لأن الدال حرف مجهور، والذال حرف مهموس، فعدل أمرهما بأن أبدل من التاء شريكتها في المخرج وعدم الاستعلاء وهو الدال، فخف النطق لزوال بعض التنافي، ولكن بقي بعضه؛ لأن

الذال رخوة والدال شديدة فكمل التخفيف بجعلهما ذالين إن روعيت الأصالة والسبق ودالين إن روعيت القوة -


(١) انظر: الممتع (١/ ٣٨٤)، وابن يعيش (١٠/ ٣٧).
(٢) انظر: ابن الناظم على الألفية (ص ٨٦٥)، والأشموني (٤/ ٣٣٠)، وشرح الكافية (٤/ ٢١٥٤)، وتوضيح المقاصد (٦/ ٧٨)، والمنصف (١/ ٢٢٨).
(٣) انظر: التذييل (٦/ ١٨٢ ب)، والمساعد (٤/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>