للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القلب بأصله كنأى ينأى مع النّأي، وبأمثلة اشتقاقه؛ كالجاه والحادي والقسي وبصحته كأيس، وبقلة كآرام، وبأداء تركه إلى اجتماع همزتين عند الخليل، أو إلى منع الصرف بغير علة. فقال عليه الإمام بدر الدين: قد أكثر مما يعرف به القلب من غير فائدة؛ لأن الاستدلال بأمثلة الاشتقاق راجع إلى الاستدلال بثبوت الأصل والاستدلال بالصحة وبقلة الاستعمال مستغنى عنه؛ لأن ما عرف قلبه بذلك يعرف قلبه بثبوت أصله ثم ذكر عبارة والده - رحمه الله تعالى - فقال: إن أصل ما يعرف به القلب كون أحد التأليفين فائقا للآخر ببعض وجوه التصريف.

وذكر ابن عصفور في المقرب أن الذي يعرف به القلب أربعة أشياء (١): أن يكون أحد اللفظين أكثر استعمالا من الآخر فيكون الأصل، ويكون الآخر مقلوبا عنه نحو: رعملي فإنه قال: أقل استعمالا من لعمري. وأن يكون أحد

اللفظين يكثر تصريف الكلمة عليه فيكون الأصل، ويكون الآخر مقلوبا عنه نحو: شوائع فإنه يقال فيه: شاع يشيع فهو شائع ولا يقال فيه: شعى يشعى فهو شاع، وأن يكون أحد اللفظين مجردا من الزوائد فيكون الأصل ويكون الآخر مقلوبا عنه نحو: اطمأنّ فإنه مقلوب من طأمن، وأن يكون لأحد الكلمتين من حكم هو للآخر في الأصل، فيدل وجوده فيه على أنه مقلوب مما ذلك الحكم له في الأصل، نحو: أيس فإنه مقلوب من يئس، ولذلك صحّ كما صحّ في يئس (٢) انتهى. والذي ذكره قريب مما ذكره ابن الحاجب، ولا شك أن كلّا منهما فيه توضيح وإفصاح عن المقصود بخلاف كلام المصنف، وقوله: فإن لم يثبت ذلك فهما أصلان، يريد به فإن لم يثبت كون أحد التأليفين فائقا للآخر ببعض وجوه التصريف، والآخر مفوقا فكلا التأليفين أصل، ومثال ذلك: جذب وجبذ، فإن جميع تصاريفهما جاء عليهما كالمصدر واسم الفاعل واسم المفعول كجبذ وجذب وجابذ وجاذب ومجذوب ومجبوذ. أما قوله: وليس جاء وخطايا مقلوبين خلافا للخليل فأشار به إلى ما سأذكره.

اعلم أن الخليل رحمه الله يدعي القلب في كل كلمة يؤدي العمل بمقتضى التصريف فيها إلى أن يجتمع فيها همزتان (٣)، وقد تقدم أن من جملة ما يعرف به القلب أن يؤدي -


(١) انظر المقرب لابن عصفور (٢/ ١٩٧، ١٩٨).
(٢) المقرب (٢/ ١٩٧، ١٩٨).
(٣) قال في الكتاب (٢/ ٣٧٩): «وأما الخليل فكان يزعم أن قولك: جاء وشاء ونحوهما اللام فيهن -

<<  <  ج: ص:  >  >>