للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فالضمير في ذريته عائد على إبراهيم لا على إسحاق ولا على يعقوب صلوات الله عليهم أجمعين؛ لأن المحدث عنه من أول القصة إلى آخرها هو إبراهيم (١).

قال المصنف: «جعلوا تقديم مفسر الغائب خلفا عمّا فاته من مقارنة المشاهدة؛ ومقتضى هذا القصد تقديم الشعور بالمفسر كما يتقدم الشعور بذات يصلح أن يعبر عنها بضمير حاضر.

واللائق بالمفسر لكونه كجزء المفسر (٢) في تكميل وضوحه أن يتصل به؛ فلذلك إذا ذكر ضمير واحد بعد اثنين فصاعدا، جعل للأقرب ولا يجعل لغيره إلا بدليل من خارج» انتهى (٣).

ولكون الضمير لا يعود إلا على الأقرب، قال الشيخ: «استدلّ ابن حزم على تحريم جميع الخنزير لحما وشحما وجلدا وغيرها بقوله تعالى: فَإِنَّهُ رِجْسٌ (٤) بعد قوله تعالى: أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ لما ألزم أن يقول بتحليل شحم الخنزير. فجعل الضمير في فَإِنَّهُ عائدا على الخنزير؛ لأنّه أقرب مذكور، وإنما ذكر اللحم أولا لأنه هو المعهود أكله لمن يأكله لا على جهة حصر التحريم فيه» انتهى (٥).

ثم المفسّر قد يستغنى عن ذكره، ويدل عليه ما يفهم من سياق الكلام، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: أو مستغنى عنه بحضور مدلوله حسّا أو علما.

والأكثر كونه مذكورا، وقد يستغنى عن ذكره بذكر ما يدل عليه مما بينه وبينه نسبة للجزئية أو الكلية أو غيرهما كما سيأتي. -


(١) التذييل والتكميل (٢/ ٢٥٢).
(٢) في شرح التسهيل (لابن مالك): لكونه جزء المفسر، ولا فرق بينهما.
(٣) شرح التسهيل (١/ ١٥٧).
(٤) سورة الأنعام: ١٤٥. وأولها قوله: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ.
(٥) التذييل والتكميل (٢/ ٢٥٣). وقال أبو حيان في تفسيره المسمى بالبحر المحيط (٤/ ٢٤١): عند تفسير هذه الآية:
«والظّاهر أنّ الضّمير في فَإِنَّهُ عائد على لَحْمَ خِنزِيرٍ، وزعم أبو محمد بن حزم، فقال:
إنه عائد على خِنزِيرٍ فإنه أقرب مذكور، فإذا احتمل العودة على شيئين كان عوده على الأقرب أرجح. وعورض بأن المحدّث عنه إنما هو اللّحم،
وجاء ذكر الخنزير على سبيل الإضافة إليه لا أنّه هو المحدّث عنه المعطوف».

<<  <  ج: ص:  >  >>