للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذكر الفتى مغن عن ذكر النفس؛ لأنها جزؤه، فعاد إليها فاعل حشرجت، والضمير المجرور بالياء ومنه قولهم: «من كذب كان شرّا له» (١) فأضمروا في كان ضمير الكذب؛ لأنه جزء مدلول كذب، ومثله قوله تعالى: اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (٢) فهذا عائد على العدل؛ لأنه جزء مدلول اعْدِلُوا.

ومنه قول الشاعر:

٢٦١ - وإذا سئلت الخير فاعلم أنّها ... حسنى تخصّ بها من الرّحمن (٣)

فأعاد الضمير إلى المسألة؛ لأنها جزء مدلول سئلت.

ومنه قول الشاعر:

٢٦٢ - إذا نهي السّفيه جرى إليه ... وخالف والسّفيه إلى الخلاف (٤)

فالهاء من إليه عائد على السفه؛ لأنه جزء مدلول السفيه.

وقوله: أو كلّ أي: أو يذكر ما صاحب الضمير له أي للمذكور كل؛ فإن الجزء يدل على الكل كما يدل الكل على الجزء.

قال المصنف: ومن ذلك - والله أعلم - وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ (٥)؛ فإن الذهب والفضة بعض المكنوزات، فأغنى ذكرهما عن ذكر الجميع، كأنه قيل: -


(١) شرح المفصل لابن يعيش (٧/ ١٥٢).
(٢) سورة المائدة: ٨.
(٣) البيت من بحر الكامل قاله كعب الغنوي من مقطوعة قصيرة يوصي فيها ابنه عليّا وهي في الأمالي (٢/ ٣٤٦). وشاهد البيت واضح.
والبيت ليس في معجم الشواهد، وهو في شرح التسهيل (١/ ١٥٧)، وفي التذييل والتكميل (١/ ٥١٣).
ترجمة كعب الغنوي: هو كعب بن سعد بن عمرو الغنوي، شاعر جاهلي حلو الديباجة، له أشعار كثيرة مبعثرة في كتب الأدب والتراجم، أشهر
شعره بائيته في رثاء أخ له قتل في حرب ذي قار.
توفي كعب سنة (١٠) قبل الهجرة. ترجمته في الأعلام (٦/ ٨٢).
(٤) البيت من بحر الوافر، ومع كثرة مراجعه لم ينسب إلى قائل، ولم يذكر له ثان.
وروي أمر مكان نهي، وشاهده قوله: جرى إليه. قال ثعلب في مجالسه (١/ ٦٠): قوله: جرى إليه أي جرى إلى السفه، واكتفى بالفعل من المصدر. ويقصد بالفعل اسم الفاعل.
والبيت في معجم الشواهد (ص ٢٤٠)، وهو في شرح التسهيل (١/ ١٥٧)، وفي التذييل والتكميل (٢/ ٢٥٥).
(٥) سورة التوبة: ٢٤ وهي قوله: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>