للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلت: ولقائل أن يقول لا حاجة إلى الاحتراز بقوله أبدا لأن المراد بالافتقار ما يفتقر إليه ذلك الشيء في تمام مدلوله كما تقدم. والنكرة الموصوفة بالجملة لا تفتقر في تمام مدلولها إلى شيء. والصفة المذكورة بعدها مفردة كانت أو جملة مقصودة في ذاتها لإفادة معنى في الموصوف.

وإذا كان كذلك تبين أن قول المصنف: فالافتقار إلى ما تؤول بدلا إليها لا يتحقق؛ إذ ليس للنكرة افتقار إلى ذلك. وتقييده الافتقار بحال وصفها لا يفيد؛ إذ لو اعتبر ذلك لزم أن الافتقار صادق على كل كلمة تعرض؛ لأن الكلمة إذا تعلقت بأخرى صدق أن كلا منهما مفتقر إلى الآخر حال التعليق.

ولا شك أن هذا ليس بمراد، بل المراد الافتقار الذاتي كما هو افتقار الموصول.

وإذ قد تقرر هذا فلنرجع إلى لفظ الكتاب فنقول:

قوله: إلى عائد: احترز بالعائد من حيث وإذ وإذا، فإنها أسماء مفتقرة إلى جملة مستغنية عن عائد، واحترز بأبدا من النكرة الموصوفة بجملة كما تقدم تقرير ذلك.

وأشار بقوله: أو خلفه إلى أن العائد قد يغني عنه ظاهر يقوم مقامه كقول الشاعر:

٣١٤ - فياربّ ليلى أنت في كلّ موطن ... وأنت الذّي في رحمة الله أطمع (١)

[١/ ٢١٣] أراد في رحمته أطمع. -


- فإذا وصفت النكرة فإن هذه الصفة مقصودة لذاتها في إنشاء معنى جديد. أما جملة الصلة فإن الموصول محتاج إليها في إفادة معناه ولا قيمة له بدونها.
هذا بالنسبة لجملة الصلة أو الصفة، أما العائد فيهما فلا بد من وجوده - ظاهرا أو مقدرا - أو خلفه.
وقد وضحه ناظر الجيش أحسن توضيح.
(١) البيت من بحر الطويل نسب في بعض مراجعه لمجنون بني عامر (الدرر: ١/ ٤٦) وفي بعضها الآخر شكوك في هذه النسبة حيث لا يوجد البيت في ديوانه وقيل إنه لابن ميادة (حاشية شرح التسهيل) إلا أن البيت فيه روح ورقّة قيس بن الملوح المجنون وفيه اسم ليلاه.
قال ابن هشام في البيت: (٢/ ٥٠٤) «تقديره أنت الّذي في رحمته، وكان يمكنهم أن يقدّروا في رحمتك فكأنهم كرهوا بناء قليل على قليل». وتفسيره أن الربط بضمير المخاطب بعد تقدم مثله على الموصول قليل والربط بالاسم الظاهر قليل بل أقل منه. أما الربط بضمير الغيبة فكثير شائع فحين قدروه في رحمتك - كما سيأتي في الشرح - كان فيه نيابة الظاهر الذي هو قليل عن ضمير المخاطب الذي هو قليل أيضا.
والبيت في شرح التسهيل: (١/ ١٨٦) وفي التذييل والتكميل: (٣/ ٦)، وفي معجم الشواهد (ص ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>